تاريخ الطاقة المائية واستخداماتها

تاريخ الطاقة الكهرومائية

منذ آلاف السنين، يعتمد البشر على الماء لأداء المهام المختلفة. قبل اكتشاف الطاقة الكهرومائية، كان الإنسان يسعى بجد لتطوير طرق مبتكرة لاستغلال طاقة المياه الجارية. غالبًا ما كان أسلافنا يتصدرون مجال الابتكار، حيث استخدموا طاقة التيارات النهرية في إنشاء مطاحن لطحن الذرة والقمح، فضلاً عن تشغيل أفرانهم.

في حضارات بلاد ما بين النهرين القديمة واليونان، تم تطوير أدوات الري مثل الساعات المائية، والتي تُعد واحدة من أقدم أدوات قياس الوقت، منذ أكثر من 6000 عام. حوالي عام 1000 قبل الميلاد، طور الفرس تقنيات القنوات التي استخدمت قنوات طويلة وضيّقة لنقل المياه إلى السكان، بينما كان الصينيون القدماء يقومون حالياً بممارسات مشابهة في منطقة توربان.

أيضًا، قام الإغريق والرومان بتطوير مطاحن المياه، وفي عام 1 ميلادي، تواجدت مستوطنة في فرنسا تحتوي على طواحين متعددة لطحن القمح وتحويله إلى دقيق. لذا، يمكن اعتبار هذه التكنولوجيا واحدة من أولى مصادر الطاقة المتجددة في تاريخ البشرية.

مع مرور الوقت، تم توسيع استخدام طواحين المياه لتشمل المزيد من العمليات الصناعية مثل قطع الأخشاب والرخام. في الصين، استخدمت هذه الطواحين لدفع منفاخ للصهر وعمليات صناعية أخرى. أصبحت هذه التكنولوجيا ركيزة أساسية لمجتمعات عديدة حول العالم، بسرعة كبيرة، وأسهمت بدور بارز في تاريخ الطاقة المتجددة.

الثورة الصناعية والطاقة المائية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر

أدت الثورة الصناعية إلى تحقيق تطورات علمية وتكنولوجية كبيرة، وكان من أبرزها إنتاج الكهرباء. اختراع التوربينات المائية كان أحد هذه التطورات المهمة. في منتصف القرن الثامن عشر، ساهم المهندس الهيدروليكي برنار فورست دي بيلدور في تطوير التوربينات المائية.

في إنجلترا، تم إنشاء أول آلة تعمل بالطاقة الكهرومائية في نورثمبرلاند على يد ويليام أرمسترونج، حيث استخدمت لتوليد الكهرباء لمصباح واحد في عام 1878. كما تُعتبر محطة نياجرا أول علامة بارزة في إنتاج الطاقة على نطاق واسع، التي بدأت في دفع التيار الكهربائي بعد ثلاث سنوات فقط. بحلول نهاية عام 1890، كان هناك حوالي 200 محطة طاقة في أمريكا الشمالية فقط.

في أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت الطاقة الكهرومائية مصدرًا رئيسيًا للكهرباء. وذلك بعد تطوير المهندس البريطاني الأمريكي جيمس فرانسيس أولى التوربينات المائية الحديثة. في سبعينيات القرن التاسع عشر، ابتكر المخترع الأمريكي ليستر آلان بيلتون “عجلة بيلتون”، وهي توربينات مائية دافعة، وحصل على براءة اختراعها عام 1880. وفي عام 1882، بدأت أولى محطات الطاقة الكهرومائية في العالم عملها في الولايات المتحدة.

الطاقة الكهرومائية في العصر الحديث

شهد القرن العشرون تغييرات وابتكارات ملحوظة في تصميم محطات الطاقة الكهرومائية. وقد دعمت السياسات التي اتبعها الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بناء العديد من المشاريع المتعددة الاستخدامات مثل سدي هوفر وغراند كولي، حيث أصبحت الطاقة الكهرومائية تمثل 40 في المئة من إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول عام 1940. في العقود الأخيرة من القرن العشرين، تحولت كل من البرازيل والصين إلى رائدين عالميين في مجال الطاقة الكهرومائية.

ومع ذلك، واجهت الطاقة الكهرومائية نموًا مطردًا ولكنها عانت من ركود في أواخر الثمانينيات وتراجعت في التسعينيات بسبب القيود المالية المتزايدة والمخاوف البيئية والاجتماعية المتعلقة بتطوير مشاريع الطاقة الكهرومائية، مما أدى إلى إيقاف العديد من المشاريع حول العالم. ولكنها عادت لتكتسب زخماً متجدداً، خصوصًا في آسيا وأمريكا الجنوبية.

بين عامي 2000 و2017، تم إضافة حوالي 500 جيجاوات من الطاقة الكهرومائية عالميًا، مما يمثل زيادة بنسبة 65 في المئة. ومن عام 2004 إلى عام 2012، ارتفعت التجارة بين دول الجنوب في منتجات ومعدات الطاقة الكهرومائية من أقل من 10 في المئة من إجمالي التجارة العالمية إلى ما يقرب من 50 في المئة.

أكبر محطات توليد الطاقة الكهرومائية

تعد الصين والبرازيل وكندا والولايات المتحدة وروسيا أكبر خمسة منتجين للطاقة الكهرومائية. أكبر محطة طاقة كهرومائية في العالم من حيث السعة المركبة هي “ثلاثة شلالات” (Sanxia) على نهر يانغتسي في الصين، حيث يبلغ طول السد 2.3 كيلومتر.

Scroll to Top