دراسة حول دور كبار السن في المجتمع

دور رعاية المسنين

تُعتبر فئة كبار السن جزءًا أساسيًا من المجتمعات الإنسانية، إذ يُعد التقدم في العمر ظاهرة طبيعية تمثل جزءًا من مسيرة الحياة التي تتضمن تحديات وتضحيات مختلفة. لذا، تمتلك هذه الفئة حقوقًا تتجلى في مختلف الثقافات والحضارات. وقد لعبت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورًا محوريًا في وضع مبادئ الرعاية المثلى لكبار السن، وحثّت الحكومات على إدماج هذه المبادئ في خططها الوطنية. كما تحظى هذه الفئة بعناية خاصة في الدين الإسلامي، سواء في تفسيره أو تشريعاته، مما يُشير إلى ضرورة التعاون والتضامن بين الأفراد لدعم كبار السن. وقد ظهرت مؤخرًا دور رعاية المسنين، وهي مرافق تُعنى بإيواء الأفراد من كبار السن، الذين قد يواجهون قصورًا جسديًا أو مشاكل صحية، أو الذين يفتقرون إلى سكن مناسب وهذه المؤسسات تهدف إلى تلبية احتياجاتهم.

مبادئ التعامل مع المسنين

وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة من المبادئ التي تنظم كيفية التعامل مع كبار السن، وهي تشمل ما يلي:

مبدأ الاستقلالية

يتضمن هذا المبدأ عدة نقاط رئيسية، وهي:

  • توفير الاحتياجات الأساسية من ماء، غذاء، ملابس، مسكن، ورعاية صحية.
  • توفير فرص العمل لكبار السن لضمان دخلٍ مادي لهم.
  • إتاحة الفرص لكبار السن للمشاركة في برامج تعليمية وتدريبية.
  • ضمان أن يعيش كبار السن في بيئة آمنة.
  • تمكين كبار السن من العيش في منازلهم لأطول مدة ممكنة.

مبدأ المشاركة

يعتمد مبدأ المشاركة على ثلاث نقاط رئيسية كما يلي:

  • استمرار اندماج كبار السن في المجتمع والمشاركة في الأنشطة الترفيهية، بجانب تبادل خبراتهم مع الأجيال الشابة.
  • توفير فرص لخدمة المجتمع من خلال تطوعهم في أعمال تتناسب مع قدراتهم.
  • تشجيع كبار السن على تشكيل جماعات أو روابط خاصة بهم.

مبدأ الرعاية

يتضمن هذا المبدأ عدة نقاط جوهرية منها:

  • أن يتلقى المسنون الرعاية والحماية من أسرهم ومجتمعاتهم وفقًا للأعراف والقيم الاجتماعية.
  • أن يتمكن كبار السن من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، والتركيز على صحتهم الذهنية والعاطفية والجسدية.
  • أن يستفيد كبار السن من العناية المقدمة في المؤسسات المخصصة لتعزيز قدراتهم وحمايتهم وتحفيزهم فكريًا.
  • أن يتمتع كبار السن بالحرية وحقوق الإنسان عند إقامتهم في دور المسنين، مع احترام كرامتهم واحتياجاتهم الخاصة.

مبدأ تحقيق الذات

يعتمد مبدأ تحقيق الذات على نقطتين أساسيتين:

  • توفير فرص تنمية كاملة لقدرات كبار السن وفقًا لإمكاناتهم.
  • تمكن كبار السن من الاستفادة من الموارد المجتمعية، بما في ذلك الروحية والثقافية والترويجية والتعليمية.

مبدأ الكرامة

يتركز مبدأ كرامة المسنين على نقطتين رئيسيتين:

  • توفير فرصة للعيش بكرامة وأمان دون التعرض للاستغلال أو الإساءة.
  • تحقيق العدالة في معاملة كبار السن بغض النظر عن عرقهم أو أعمارهم أو أجناسهم أو حالتهم الصحية.

أسس رعاية المسنين في الإسلام

يولي الإسلام اهتمامًا خاصًا بكبار السن، حيث يقتضي من المجتمع احترامهم وتقديرهم. وقد قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: “ليس منا من لم يُرحم صغيرنا ويُعرِف شرف كبيرنا”. تستند رعاية المسنين في الإسلام إلى عدة أسس تتمثل فيما يلي:

  • تكريم الإسلام للإنسان، واحترام مكانته، كما جاء في قوله تعالى: “وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا”.
  • تعزيز خصائص الرحمة والمودة في المجتمع الإسلامي، حيث يُشبَّه المؤمنون بالجسد الواحد، كما ورد في حديث النبي: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
  • الإحسان إلى كبار السن يُسهل الرعاية التي يحصلون عليها عند كبرهم، مصداقًا لقوله تعالى: “جزاءً وفاقًا”.
  • تتضمن تعاليم الإسلام أهمية تقبل كبر السن، كما أفاد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن “لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدعُ به قبل أن يأتيه”.

حكم وضع الوالدين في دور المسنين

يُعلي الإسلام من مكانة الوالدين ويجعل رضاهم من أعظم الحقوق، حيث جاء في قوله تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”. ويدعو الإسلام إلى الاحترام والإحسان إلى الوالدين، وعدم إيذائهم بأي شكل. لذا، فإن وضع الأب أو الأم في دور رعاية المسنين لا يُسمح به إلا إذا حصلت الموافقة منهم، ولا ينبغي أن يكون سبب الموافقة سوء المعاملة من الأبناء. يُسمح بذلك في حالات تستدعي عذرًا مقبولًا مع ضرورة التأكد من تقديم الدور للرعاية الكاملة المناسبة للوالدين، مثل سفر الابن أو عدم قدرته على ترك أحد الوالدين دون رعاية.

Scroll to Top