مرض الكوليرا
تُعتبر الكوليرا (بالإنجليزية: Cholera) مرضًا وبائيًا شديد العدوى، ناجمًا عن بكتيريا ضمة الكوليرا (باللاتينية: Vibrio cholerae). يُسبب هذا المرض عدوى معدية معوية (بالإنجليزية: Gastrointestinal infection) وينتقل عبر تناول الطعام أو شرب المياه الملوثة. يؤثر مرض الكوليرا على ملايين الأشخاص سنويًا، مما يؤدي إلى ضعف أجسامهم وإرهاقها، ويتسبب في وفاة حوالي مئة ألف شخص حول العالم سنويًا جراء الإسهال الحاد وفقدان كميات كبيرة من السوائل مما يؤدي إلى الإصابة بالجفاف (بالإنجليزية: Dehydration). ينتشر هذا المرض بشكل خاص في الدول التي تعاني من الفقر أو التي تتعرض لكوارث طبيعية أو حروب، كما ينتشر في مخيمات اللاجئين حيث تكون وسائل النظافة والتعقيم، بالإضافة إلى معالجة المياه ومياه الصرف الصحي، غير متاحة. تشمل المناطق التي تتعرض لانتشار الكوليرا إفريقيا، وبعض أرجاء جنوب شرق آسيا، وبعض أجزاء من أمريكا اللاتينية.
طرق الوقاية من مرض الكوليرا
يوجد مجموعة من الإجراءات الوقائية واللقاحات التي يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة بمرض الكوليرا، وهي كما يلي:
الإجراءات الوقائية
فيما يلي بعض التدابير اللازمة للحماية من مرض الكوليرا، خاصة عند السفر إلى مناطق موبوءة:
- استخدام مياه نظيفة وصالحة للشرب، بالإضافة إلى كافة الاستخدامات اليومية مثل تنظيف الأسنان وتحضير الطعام. يُفضل الاعتماد على المياه المعبأة والمختومة أو المشروبات الغازية المعلبة. في حال استخدام المياه المتاحة، يمكن معالجتها بإحدى الطرق التالية:
- غلي الماء لمدة لا تقل عن دقيقة واحدة.
- استخدام منتجات معالجة الكلور المتاحة لهذا الغرض.
- إضافة نقطتين من مادة التبييض إلى لتر من مياه الشرب وتركه لمدة ثلاثين دقيقة.
- غسل اليدين بالماء والصابون النظيف. في حال عدم توفر الصابون، يمكن فرك اليدين بالرماد أو الرمل ثم غسلهم بالماء. يجب الحرص على غسل اليدين عدة مرات يوميًا، وخاصة:
- قبل تناول الطعام أو تحضيره.
- قبل إطعام الأطفال.
- بعد استخدام دورة المياه.
- بعد تنظيف الأطفال من التبرز.
- بعد الاعتناء بشخص مصاب بالإسهال.
- استخدام المراحيض أو أنظمة الصرف الصحي المتاحة للتخلص من البراز، ثم غسل اليدين بالماء النظيف والصابون. وفي حالة عدم وجود مراحيض، يمكن قضاء الحاجة على بعد ثلاثين مترًا على الأقل من أي مصدر مياه، وعندها يجب دفن البراز.
- اتباع طرق التعامل السليم مع الأغذية، وذلك من خلال:
- طهي الطعام بشكل جيد، خاصة المأكولات البحرية.
- تخزين الأغذية في أماكن مغلقة وتناولها ساخنة.
- تقشير الفواكه والخضروات المتاحة قبل تناولها.
- ضرورة الحفاظ على النظافة الشخصية والعائلية، حيث يتوجب على الأفراد غسل أجسادهم، وتنظيف الأطفال، وغسل الملابس في حالة بعيدة عن مناطق مياه الشرب.
- يجب على المسافرين إلى المناطق الموبوءة بالكوليرا الاطلاع على المعلومات الضرورية عن المرض قبل السفر، كما ينبغي عليهم تجنب تناول السلطات والأسماك النيئة، والخضروات غير المطبوخة، والأطعمة المباعة في الأسواق.
- مراقبة وتسجيل كافة الحالات المُخالطة للإصابات المُسجلة بالكوليرا لعزلها ومعالجتها لمنع انتشار المرض.
- نشر التوعية بين أفراد المجتمع حول الممارسات الصحية والنظافة الشخصية لتفادي الإصابة بالمرض.
اللقاحات
يمكن استخدام أحد اللقاحات الفموية التالية للمساعدة في الوقاية من مرض الكوليرا:
- لقاح دوكورال: (بالإنجليزية: Dukoral) يُعطى للأطفال فوق عمر السنتين والبالغين على ثلاث مراحل، حيث يتم إعطاؤه للبالغين من عمر ست سنوات على جرعتين، بينما الأطفال من سنتين إلى ست سنوات يحصلون على ثلاث جرعات. يبدأ مفعول اللقاح بعد أسبوع من الجرعة الأخيرة، ويحقق حماية بنسبة 85% لمدة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر.
- لقاح شانكول: (بالإنجليزية: Shanchol) يُعطى للأطفال عمرهم بين سنة لخمس سنوات على جرعتين تفصل بينهما أسبوعان، بينما يُعطى على جرعة واحدة لمن هم أكبر سنًا. يمنح حماية ضد مرض الكوليرا بنسبة تُقدر بـ 67% لمدة تصل إلى خمس سنوات.
- لقاح فاتشورا: (بالإنجليزية: Vaxchora) هو اللقاح الوحيد المرخص من قبل إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (بالإنجليزية: U.S. Food and Drug Administration) منذ عام 2016، ويتكون من فيروسات حية ولكن مُضعَفَة. يُعطى هذا اللقاح على جرعة واحدة للبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-64 عامًا قبل السفر إلى الدول الموبوءة بالكوليرا بعشرة أيام على الأقل. يوفر هذا اللقاح حماية من مرض الكوليرا بنسبة 90% بعد عشرة أيام من الاستخدام، بينما تنخفض النسبة إلى 80% بعد ثلاثة أشهر.
علامات وأعراض مرض الكوليرا
عادةً ما تظهرSigns وأعراض الإصابة بالكوليرا خلال فترة تتراوح بين بضع ساعات إلى خمسة أيام بعد التعرض للبكتيريا. قد تتراوح هذه الأعراض بين الخفيفة إلى الشديدة، حيث يعاني المصاب من الجفاف نتيجة فقدان كميات كبيرة من الماء بسبب التقيؤ والإسهال المائي الشديد. يُشدد على أن واحدًا من كل عشرين حالة من حالات الكوليرا قد تظهر عليها أعراض شديدة، بالإضافة إلى وجود العديد من الحالات الصامتة التي تسهم في نقل العدوى. في حال عدم معالجة الجفاف، قد يدخل المصاب في حالة صدمة ويصبح عرضة للوفاة في أي وقت.
تشمل الأعراض والعلامات التي تدل على الإصابة بالجفاف ما يلي:
- زيادة معدل ضربات القلب.
- الشعور بالعطش الشديد.
- انخفاض ضغط الدم.
- تشنجات عضلية.
- فقدان مرونة الجلد.
- جفاف الأغشية المخاطية في الفم والحلق والأنف والجفون.
طرق انتقال مرض الكوليرا
تنتقل بكتيريا ضمة الكوليرا المُسببة للمرض إلى الإنسان من خلال المياه والطعام الملوث بفضلات شخص مصاب. بعد دخولها الجسم، تقوم البكتيريا بإفراز سموم تؤدي إلى إسهال شديد. تنتشر هذه البكتيريا في المياه المالحة الضحلة ويمكن أن تعيش أيضًا على النباتات والحجارة والأصداف والتربة الرطبة.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بالكوليرا
على الرغم من أن الكوليرا يمكن أن تصيب أي شخص يتناول طعامًا غير مطهي أو ماءً غير معالجة بشكل مناسب، إلا أن هناك فئات معينة تعتبر أكثر عرضة للإصابة، ومنها:
- الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية.
- الأشخاص ذوو المناعة المنخفضة.
- الأطفال بين سنتين وأربع سنوات.
- الأفراد الذين يحملون زمرة الدم O.
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض أو اضطرابات تؤدي لتقليل مستوى الحمض في المعدة.
- الأفراد الذين يتناولون أدوية تقلل من أحماض المعدة.
تشخيص مرض الكوليرا
يعتمد الأطباء في تشخيص الكوليرا على الأعراض التقليدية مثل الإسهال المائي الحاد، والتقيؤ، والجفاف، بالإضافة إلى مظهر البراز الذي يشبه المياه بعد غسل الأرز (بالإنجليزية: Rice water stool). كما يُؤخذ في الاعتبار معرفة المناطق التي سافر إليها المريض مؤخرًا، وخصوصًا إذا كانت موبوءة بالكوليرا أو في حال تناول مأكولات بحرية في الفترة السابقة. قد يطلب الطبيب إجراء فحص مخبري لزراعة البراز (بالإنجليزية: Stool cultures). يجب على المريض البدء في العلاج قبل الحصول على نتائج الفحص إذا كان متوقعًا إصابته بالكوليرا.
علاج مرض الكوليرا
يمكن أن تخفض المضادات الحيوية من مدة الإصابة بالكوليرا، ولكن لا توصي منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization) باستخدامها بشكل مفرط، حيث قد تسهم في زيادة مقاومة البكتيريا للعلاج بالمضادات الحيوية. كما يُمنع استخدام العقاقير المضادة للإسهال لأنها تمنع خروج البكتيريا من الجسم. نظرًا لأن الجفاف هو السبب الرئيسي في الوفيات الناتجة عن مرض الكوليرا، يُعتبر تعويض السوائل العلاج الأساسي، وذلك بإعطاء المصاب محاليل فموية مكونة من كميات كبيرة من الماء مع مزيج من الأملاح والسكر لتعويض السوائل والعناصر المفقودة. في الحالات الشديدة، قد يكون من الضروري إعطاء المحاليل الوريدية لتعويض السوائل.