تاريخ غزوة الأحزاب في منتصف القرن السابع الميلادي

تاريخ غزوة الأحزاب

تُعَدّ معركة الأحزاب من الأحداث التاريخية البارزة في السيرة النبوية، حيث تُشكل نقطة تحول مهمة في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلال فترة إقامته في المدينة المنورة. وقعت غزوة الأحزاب، المعروفة أيضًا بمعركة الخندق، في العام الخامس للهجرة، وتحديدًا في شهر شوال، والذي يتوافق مع مارس من العام 627 ميلادي.

أسباب غزوة الأحزاب

كان الدافع الرئيس وراء غزوة الأحزاب هو نقض يهود بني النضير للعهود المبرمة مع المسلمين. بعد أن أجلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضًا منهم إلى منطقة خيبر، تجمّع نفر من هؤلاء مثل: سلام بن مشكم، وسلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع مع زعماء قريش.

وعمل هؤلاء على تحريض زعماء قريش للقتال ضد المسلمين، متعهدين بالتحالف معهم. وقد حضّ اليهود قريش على الاعتقاد بأن ما يعبدونه من أصنام أفضل من الدين الإسلامي، مما يستدعي نزول الآيات القرآنية التي تتحدث عنهم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا).

أحداث الغزوة

تجمعت لمواجهة المسلمين قبائل قريش ومن تحالف معها مثل بني فزارة وبني مرة وأشجع، بالإضافة إلى يهود بني قريظة. وعندما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبر اقترابهم من المدينة، استشار الصحابة حول خطط القتال. وكان الاقتراح المتميز من الصحابي سلمان الفارسي هو حفر خندق كبير حول المدينة، مما أثار ذهول قريش عند وصولهم إلى الموقع، حيث لم يعتادوا على مثل هذه الاستراتيجية.

تكوّن صف المسلمين من حوالي ثلاثة آلاف مقاتل، بينما بلغ عدد المشركين عشرة آلاف. عندما حاول المشركون التسلل عبر الخندق، تصدى لهم المسلمون وقامت بينهم معارك عنيفة. ووسط هذه الأجواء، أسلم نعيم بن مسعود ابن عامر وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهود بني قريظة يثقون به، فوجهه بنشر الأخبار التي قد تضعف عزيمتهم.

استغل نعيم بن مسعود ذكائه لتفريق بين اليهود والمشركين، ونجح في ذلك. وفي إحدى الليالي، أرسل الله -تعالى- ريحًا عاتية أتت على معسكر المشركين، مما أدى إلى تخريب خيامهم وممتلكاتهم، وحل الرعب بقلوبهم، فهرعوا للفرار من المعركة.

قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا* إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا). وانتهت هذه المعركة بخروج المشركين من ساحة القتال وانتصار المسلمين، بعد أن أثار الله -تعالى- في قلوبهم الرعب.

Scroll to Top