الإيمان بخير ما شرعه الله تعالى
كان هناك اعتقاد لدى بعض المسلمين بأن بنود الصلح قد تضعفهم، ولم يتوقعوا عودتهم إثر تحضيرهم للعمرة، بما في ذلك الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومع ذلك، كان قرار الصلح وحيًا من الله -عز وجل-، وغالبًا ما لا يقود التفكير البشري إلى فهم الحكمة الإلهية. يتعين على الإنسان أن يتوقع الخير من الله تعالى في جميع الأحوال، وأن يقبل حكمه حتى وإن لم يدرك الخير فيه. قال الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).
تسليط الضوء على أهمية الشورى
عندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- عدم استجابة الصحابة لطلبه بحلق رؤوسهم ونحر هديهم، استشار أم سلمة، عالمًا بحكمتها. نصحت أم سلمة النبي بأن لا يتحدث مع أحد منهم، بل يشرع في النحر والحلق، إذ أن الصحابة سيتبعونه تلقائيًا. وفعلاً، نفذ النبي -عليه الصلاة والسلام- مشورة أم المؤمنين، وبادر الصحابة جميعًا بفعل ذلك، مما يعكس أهمية الشورى وعدم التفريق بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالأفكار البناءة.
تكريم المرأة وتعزيز دورها
أظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانة المرأة في المجتمع من خلال استشارته لزوجته أم سلمة، حيث قدمت له رأيًا صائبًا، ما يعد تأكيدًا على تكريم النساء وإبراز دورهن الفاعل.
طاعة ولي الأمر والثقة في القيادة
في صلح الحديبية، واجه المسلمون قرار النبي -صلى الله عليه وسلم- بحزن، إذ لم يدركوا أبعاده في ذلك الوقت. ومع ذلك، أعربوا عن ثقتهم بقيادتهم وأطاعوا أوامر الرسول -عليه الصلاة والسلام- رغم ردة فعلهم الأولية. في بعض الأحيان، يتطلب الأمر من القائد اتخاذ قرار قد يبدو غير مريح لدفع ضرر أقل.
القدوة العملية
تظهر الدروس المستفادة من صلح الحديبية فكرة القدوة العملية. رغم شعور الصحابة بعبء ذلك القرار، إلا أنهم استجابوا فوراً بعد رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- يتبع ما أشارته به أم سلمة، مما يبرز فعالية القدوة العملية في مثل هذه المواقف.
تعاون المشركين في تعظيم حرمات الله
عندما دعا المشركون النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلح، لبى دعوتهم، لكنه لم يكن ذلك في سبيل دعم الكفر والمعاصي، بل لتقديم العون في ما يشكل تعظيماً لحرمات الله -عز وجل-. فقد كان يعلم أن هذا الصلح هو بداية لفتح عظيم. وقد ورد عنه أنه قال: (لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا).
حب النبي في قلوب الصحابة
تجلت محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قلوب الصحابة خلال صلح الحديبية. بمجرد رؤيتهم له وهو ينحر الهدي ويحلق، استجابوا جميعًا وتحللوا من إحرامهم. كما أظهر الله -سبحانه وتعالى- أن إيمانهم قد زاد بعد هذا الحدث الجليل، حيث أنزل فيهم الآية الكريمة: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).