لا شك أن القرآن الكريم هو نور القلوب وهداية العقول، كما أنه مصدر صفاء النفس. إذ يمكن قراءة القرآن في أي زمان ومكان، فهو يظل مناسبًا في كل حالات الحياة، سواء في الفرح أو الحزن أو الكرب. وفي هذا السياق، سنتناول موضوع حكم ختم القرآن للميت، لذا تابعوا معنا.
حكم ختم القرآن للميت
لقد اجتهد الباحثون والعلماء كثيرًا في مسألة قراءة القرآن أو ختمه للميت، ولم يجدوا ما يدل على أي تشريع ينص على وجوب ذلك. قراءة القرآن موجهة بالأساس للأحياء، لتكون لهم عبرة وقدوة في حياتهم، بينما الميت قد فات عليه الوقت لتصحيح ما ارتكبه من أخطاء.
تتم قراءة القرآن أو ختمه للميت قبل دفنه أو لدى موته، حيث يهدي القارئ ثواب هذه القراءة له. وكثرت الآراء حول هذا الموضوع، إلا أن الرأي السائد هو أن القراءة لا تضر الميت، بل تُعتبر عملًا حسنًا.
ينال القارئ الثواب لقراءته، ويعظ الناس ويتعظون بذلك. ومن المفضل لو أن الميت كان يدرك أهمية القرآن وحافظ عليه قبل وفاته. وقد اعتبر البعض قراءة القرآن للميت عبادة، مشابهة للصدقة التي يقدمها الشخص لأحبائه المتوفين.
لكن، لم يُستند على هذا الرأي بأسس شرعية في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية.
رأي دار الإفتاء في ختم القرآن للميت
أفادت دار الإفتاء المصرية بأنه لا يوجد ما يمنع من تجمع بعض الأشخاص لقراءة القرآن وختمه، على أن يهدوا ثواب ما قرؤوه ليكون في ميزان حسنات الميت. ويعتبر هذا العمل جيدًا وقد يساهم في تخفيف عذاب القبر.
ولا يختلف هذا الأمر سواء كان قبل دفنه أو بعده، أو حتى بعد مرور وقت طويل على وفاته. وقد تم الإشارة إلى أنه يمكن ختم القرآن للميت بعد مرور ثلاثة أيام من وفاته، حيث يصل الثواب له. ولكن يمكن الرد على هذا الرأي، بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اَقرؤوا يس على موتاكم)، ولم يُحدد وقت معين لختم القرآن.
هذا الحديث يشمل فترة الاحتضار وأيضًا بعد الموت، وليس له حدود معينة. وقد اتفق الكثير من الفقهاء على أنه عند إهداء القرآن للميت، ينبغي على القارئ أن يقول: (اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت لفلان).
حكم قراءة القرآن عند القبور
القرآن الكريم إنما هو عبادة تقبل في كل زمان ومكان، ولكن عند القبور يُنصح بالدعاء والصدقة، إذ تساهم تلك الأمور في تخفيف عذاب القبر. وتعتبر ثوابها مؤكدًا وغير متنازع عليه. أما قراءة القرآن مع إهداء ثوابها، فلا يعتبر أمرًا مذكورًا في كتب الشرع.
في الواقع، قراءة القرآن عند القبور ليست من الأمور المحرمة، بل زيارة القبور أمر قد حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بغرض توعية الفرد ومراجعته لأعماله ونواياه. لذا، قراءة القرآن على القبر ليست لها فائدة محددة، بل تشبه في أجرها قراءة القرآن في أي مكان آخر.
لا توجد سور معينة يفضل قراءتها في هذه الأماكن، ولكن من الأفضل عدم الإطالة في الجلوس بالمقابر، فهي ليست مفضلة. فزيارة القبور نوع من أنواع العبادات التي شرعها الله ورسوله، وخاصةً بالنسبة للنساء، يُفضل أن تكون الزيارة سريعة دون الإطالة والالتزام بالضوابط الشرعية.
فضل قراءة القرآن الكريم يوميًا
- كما أشرنا سابقًا، فإن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- لتعليمنا أمور ديننا، ولإظهار قدرة الله عز وجل.
- القرآن الكريم يُعتبر غذاءً للروح، ويعطي صفاءً للذهن ونقاءً للقلب وهدوءًا للنفس.
- والمواظبة على قراءة القرآن تعود بالنفع الكبير على حياة الإنسان.
- قراءة القرآن تعزز قدرة الذاكرة.
- وتعدل الأمور وتقي الإنسان من شرور الدنيا.
- وعندما يُداوم الإنسان على قراءة القرآن، يكون لسانه عامرًا بذكر الله.
- كما أن قراءة القرآن يوميًا تساهم في صفاء الذهن.
- كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- وكذلك من فوائد قراءة القرآن يوميًا هو أنها تساعد الإنسان على التخلص من الخوف وتعطيه الشجاعة.
- علاوةً على ذلك، يُفيد القرآن في المعاملات اليومية مع الآخرين، ويهدي النفس إلى مافيه الخير.
عواقب هجر الإنسان للقرآن الكريم
حث الله عز وجل ورسوله على التمسك بالقرآن والمواظبة عليه. فالهجر له تأثير سلبي على النفوس.
- إذ يؤدي هجر القرآن إلى الكآبة والهموم والمشاكل.
- ويؤدي إلى إصابة الشخص بالضيق والإحباط.
- الهجر ينعكس على سلوك الفرد، فيكون عابسًا ومتجردًا من الأخلاق.
- وهجر القرآن أيضًا ينقص من البركة والرزق في حياة الإنسان.
- فالتقرب إلى الله يكون من خلال القرآن والدعاء.
- كما أن هجر القرآن يعني تعذيب الإنسان في قبره.
- وذلك قد يجعله غير ثابت في الأسئلة ويضعف إيمانه.
واجب المسلم نحو القرآن الكريم
يمكن للمسلم القيام بعدة أفعال حيال القرآن وحفظه، منها:
- إنشاء ورد يومي مُحدد من القرآن والالتزام به.
- فالمواظبة ستؤتي ثمارها قريبًا.
- يتعين على المسلم قراءة القرآن من المصحف وليس من الهاتف.
- فقراءة المصحف تعزز الخشوع.
- تدبر المعاني أثناء القراءة، بعيدًا عن أسلوب قراءة الجرائد.
- فإن التدبر في الآيات له فوائد جمة.
- عليه أيضًا أن يبذل جهدًا في حفظ السور بقدر استطاعته.
- فالقراءة عن ظهر قلب لها فضل كبير.
- حفظ الآيات يُبعد عن الإنسان الشر والمخاطر.
- فالكثير من الآيات تحميه من المشاكل.
- الحرص على تلاوة القرآن بشكل صحيح والتعلم فيها يعد أمرًا مهمًا.
هل ختم القرآن للميت يصل ثوابه إليه؟
بحسب ما ذكر أحد علماء دار الإفتاء المصرية، إذا أراد شخص إهداء ثواب ختم القرآن للميت، ينبغي على القارئ أن يقول: “اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت لفلان”، والله أعلم.
حكم هبة ثواب القرآن والصوم للميت
وفق فتوى أحد الشيوخ في دار الإفتاء المصرية، يُسمح لشخص بقراءة القرآن وإهداء ثواب القراءات للميت، وكذلك الصيام في أيام التطوع وهب ثوابه له.
هل يجوز إهداء ثواب قراءة القرآن للأحياء؟
إهداء ثواب قراءة القرآن جائز أيضًا للأحياء، فالأصل أن الإهداء يُعتبر دعاءً، فعندما تقول: “اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت لفلان”، فأنت تدعو له، والدعاء مقبول للحي والميت.