الزيادة السكانية في مصر
قبل حوالي عشرين عامًا، كانت مصر تمتلك نظامًا متقدمًا لتنظيم الأسرة، لكن اليوم أصبحت الدولة العربية الأكثر كثافة سكانية. وفقًا للإحصائيات، بلغ عدد سكانها نحو 102,550,597 نسمة في عام 2020، مما أسفر عن تحدي كبير للدولة بسبب الزيادة السكانية الملحوظة. يتركز معظم السكان في منطقة جغرافية لا تتعدى 5% من إجمالي مساحة مصر، التي تبلغ حوالي مليون كيلومتر مربع، حيث أن الأراضي المصرية في معظمها صحراوية، مما يستدعي تركيز السكان في المنطقة الخصبة لنهر النيل.
تشير إحصائيات إلى أن منطقة القاهرة الكبرى تعتبر الأكثر كثافة سكانية، حيث يسكن فيها نحو 24 مليون نسمة، يُقدر أن حوالي 10 ملايين منهم يقيمون في العاصمة القاهرة، مما يؤدي إلى كثافة سكانية تزيد عن 40,000 نسمة لكل كيلومتر مربع. كما أظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة أن مصر تُعَدّ واحدة من أسرع الدول نموًا في عدد السكان على مستوى العالم، حيث من المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى حوالي 121 مليون نسمة بحلول عام 2030، ومن المحتمل أن يرتفع هذا الرقم إلى حوالي 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، وأن يصل إلى حوالي 225 مليون نسمة بحلول نهاية القرن الحالي، مما يعني تضاعف عدد السكان الحالي. وبالتالي، تم تصنيف مصر من بين تسع دول يُتوقع أن تشهد أكبر فارق في النمو السكاني خلال هذه الفترة.
أسباب الزيادة السكانية في مصر
تتعدد عوامل زيادة عدد السكان في مصر، ومن أبرز هذه الأسباب:
- ارتفاع معدل المواليد: يُعتبر زيادة عدد المواليد من أبرز أسباب النمو السكاني في مصر، حيث يفوق عدد المواليد بشكل ملحوظ عدد الوفيات. أشارت الإحصائيات إلى أن متوسط عدد المواليد في مصر يصل إلى 4 مواليد يومياً. للتقليل من هذا العدد، يُقترح تنفيذ برامج توعوية تهدف إلى تقليل معدلات الإنجاب، مع التركيز على المناطق الفقيرة التي تتميز بعائلات كبيرة.
- انخفاض معدل الوفيات: لوحظ انخفاض ملحوظ في معدل الوفيات، خصوصًا في النصف الثاني من القرن العشرين، نتيجة تحسين مستوى الرعاية الصحية وتوافر المرافق الصحية في كافة أنحاء البلاد.
- التركيز السكاني غير المتوازن: يوضح الوضع الحالي ارتفاعًا كبيرًا في الكثافة السكانية، حيث يتركز نحو 99% من سكان مصر في مناطق الدلتا والوادي، التي تمثل 3.5% فقط من المساحة الكلية لمصر. تُظهر الإحصائيات أن حوالي 25% من السكان يعيشون في منطقة القاهرة الكبرى، مما يؤدي إلى ضغط كبير على البنية التحتية ويُفاقم من إشكالية توزيع الخدمات.
- التقاليد الاجتماعية: تلعب العادات والتقاليد المتأصلة في المجتمع المصري دورًا هاما في زيادة معدل الإنجاب، مثل مفهوم أن كثرة الأولاد تعزز التماسك الأسري، وضرورة إنجاب الذكور. تشير الدراسات إلى أن معدل الإنجاب للمرأة المصرية أعلى بكثير من المتوسط العالمي، حيث يصل إلى 3.5 طفل مقارنة بـ 2.5 طفل عالميًا.
الجهود المبذولة لتنظيم الزيادة السكانية في مصر
تسعى الحكومة المصرية بجدية للتقليل من معدل الزيادة السكانية، ومن أبرز الجهود المتخذة:
الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية
طرحت مجموعة من الخبراء، بإشراف المجلس القومي للسكان، خطة استراتيجية تحت مسمى (الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية) للأعوام 2015-2030م، التي تهدف إلى معالجة مشكلة النمو السكاني المتزايد في مصر. وقد أُطلقت هذه الاستراتيجية في بداية عام 2014 برعاية رئيس الوزراء آنذاك، وتحدد كافة الوسائل الممكنة لتنفيذها بالإضافة إلى خطة تنفيذية تمنح الأدوار المحددة لجميع المعنيين. ترمي الاستراتيجية إلى بناء مجتمع موحد وزيادة التلاحم الاجتماعي وتحقيق توازن بين النمو السكاني والموارد المتاحة، والحرص على تقديم الخدمات الأساسية لجميع أفراد المجتمع بصورة عادلة.
تسعى الاستراتيجية إلى تقليل معدلات الإنجاب في مصر من خلال زيادة عدد النساء اللاتي يتبعن وسائل تنظيم الأسرة، حيث تهدف إلى رفع النسبة من 59% إلى 72%، وتخفيض معدل الإنجاب من 3.5 طفل إلى 2.4 طفل بحلول عام 2030، مما قد يُساعد على تقليص عدد السكان إلى 111 مليون نسمة بدلاً من 119 مليون نسمة في حال عدم تغيير المعدلات الحالية.
استراتيجيات داعمة أخرى
هناك عدة استراتيجيات أخرى تسعى للحد من الزيادة السكانية، منها:
- استراتيجية الطفل: تهدف هذه المرحلة إلى تحسين جودة حياة الأطفال والأمهات في مصر، من خلال توفير الدعم الضروري وتحسين الجوانب البدنية والعقلية، وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات بين الأطفال في كافة مناطق البلاد.
- استراتيجية الزواج المبكر: صُممت هذه الاستراتيجية لتقليل نسبة حالات الزواج المبكر، مع الهدف خفض النسبة إلى النصف بنسبة مستهدفة بدءًا من عام 2015 حتى نهاية عام 2020، مع التركيز على المناطق ذات الانتشار العالي لهذه العادة.
لمزيد من информации عن السياحة في مصر، يمكنك قراءة مقال “السياحة في مصر”.