أهمية الزيارة في الإسلام
يميل البشر بطبيعتهم إلى التعرف على الآخرين وبناء علاقات اجتماعية، وقد جاء الإسلام ليدعم هذا الجانب ويعززه. إنه دين يقوم على المحبة والألفة، ويشدد أيضًا على أهمية التفاعل مع الناس والصبر عليهم. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن الذي يتفاعل مع الآخرين له أجر عظيم، وهو أفضل من الذي يتجنب الناس ولا يتحمل ما قد يواجهه من أذى.
كما أبرز الإسلام الحاجة إلى نشر المحبة والمودة بين المسلمين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى). لذا تُعتبر الزيارة من الوسائل الفعالة التي تعزز هذه الألفة بين المسلمين، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في تقوية روابط الأخوة الإسلامية.
آداب الزيارة وفقًا للإسلام
على المسلم عند نيته زيارة أحدهم أن يلتزم بمجموعة من الآداب، من أهمها:
إخلاص النية لله أثناء الزيارة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى). فالنية هي جوهر العمل ومفتاح قبوله عند الله سبحانه وتعالى. فقد يزور شخصان أحدهم، بينما تكون نية الأول إرضاء الله، في حين يكون لدى الثاني نية السعي وراء السمعة. وبالتالي، ينبغي على الزائر أن يقصد بنية التلاقي وجه الله ونيل رضاه.
تجنب الإساءة بالسؤال عن أثاث المنزل
قد ينشغل الزائر بالانبهار بأثاث المنزل، مما يدفعه للسؤال عن أسعار الأثاث وما شابه، وهو ما قد يحرج صاحب المنزل. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ ترْكُه ما لا يعنيهِ).
استثمار وقت الزيارة بما ينفع
الوقت الذي يقضيه المسلم في زيارة هو وقت يُسأل عنه، لذا يجب أن يسعى إلى اغتنامه بما يفيد، بعيدًا عن الأحاديث السطحية والمزاح الذي لا يجدي نفعًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ لا يُلقي لها بالًا يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ).
ضبط سلوك الأطفال أثناء الزيارة
عند زيارة العائلات، قد يتصرف الأطفال بشكل غير لائق بالعبث بالأثاث. لذلك يجب على الأهل توجيه أبنائهم بشأن آداب الزيارة، أو تركهم مع شخص مسؤول لتجنب الإحراج.
تقديم النصح عند وجود المنكرات
ينبغي على من يشهد منكرًا أثناء الزيارة أن يقدم النصح برفق، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وفقًا للأسلوب اللطيف. قال تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ).
آداب أخرى للزيارة
توجد عدد من الآداب الأخرى التي ينبغي مراعاتها أثناء زيارة الأهل والأصدقاء، ومنها:
- اختيار الوقت المناسب للزيارة، متجنبًا أوقات النوم والراحة.
- الجلوس في المكان الذي يختاره صاحب المنزل، لأنه الأعظم دراية بخصوصية بيته.
- غض البصر عن محارم المنزل، للحفاظ على الأدب والاحترام.
- خفض الصوت أثناء الحديث لتجنب الإزعاج.
- تجنب التجسس على أهل البيت، حيث قال تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا).
- تقديم الشكر لأهل البيت على الاستضافة، ودعاؤهم بالخير.
- استئذان أهل البيت عند الخروج، مراعاةً لحرماتهم.
- تجنب الزيارات الطويلة التي قد تسبب شعورًا بالإرهاق لأصحاب المنزل.
أنواع الزيارة في الإسلام
يمكن تقسيم الزيارة إلى نوعين كما يلي:
- الزيارة الواجبة: وهي تتطلب من المسلم زيارتها، وقطعها يُعد من السيئات. من أمثلتها زيارة الوالدين وصلات الأرحام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسَأَ له في أجَلِه، فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه).
- الزيارة المستحبة: وهي تلك التي يُستحب أن يقوم بها المسلم كلما وُجدت الفرصة، مثل زيارة الجيران والأصدقاء، سواء في المناسبات أو الأوقات العادية.
فضائل الزيارة في الإسلام
تحمل زيارة الأرحام العديد من الفضائل والفوائد التي تعود بالنفع على الطرفين. من أبرز هذه الفضائل:
- ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (قال اللهُ تعالى: وَجَبَتْ محبتي للمُتَحابِّينَ فِيَّ، والمتجالسين فِيَّ، والمتزاورين فِيَّ). فزيارة الله من أفضل القربات التي توجب محبته للعبد.
- تساهم الزيارة في تعزيز المحبة وتقوية العلاقات، إلى جانب مشاركة الأفراح والأحزان والتخفيف عن الآخرين.