تاريخ دولة سويسرا

تاريخ سويسرا المبكر

تكشف الأدلة الأثرية والتاريخية أن الهلفتيون، وهم من قبائل السلتيك، كانوا أول من استوطن أرض سويسرا، التي كانت تعرف آنذاك بهيلفيتيا. عاشت هذه الجماعة في المنطقة حتى غزاها الجيش الروماني بقيادة يوليوس قيصر عام 58 ق.م، مما أدى إلى تحويل سويسرا (هيلفيتيا) إلى مقاطعة تابعة للإمبراطورية الرومانية. في عام 250م، سقطت سويسرا تحت سيطرة قبيلة الجرمانيين المعروفة بالألامانيون، تلتها موجة من الغزوات من قبل قبائل البرغنديين في عام 433م. بحلول عام 534م، تمكنت قوات الإفرنج من هزيمة كل من الألامانيين والبرغنديين، وبالتالي السيطرة على سويسرا وضمها إلى الإمبراطورية الفرنجية، التي استمرت في الحكم حتى عام 1032م. بعد ذلك، أصبحت سويسرا جزءًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حيث تولت عائلة هابسبورغ الحكم في القرن الثالث عشر، مما أدى إلى انتشار الظلم والعدوان. في هذا السياق، تشكلت تحالفات بين المدن السويسرية التي نجحت في هزيمة عائلة هابسبورغ والقوات النمساوية التي اجتاحت البلاد في نهاية القرن الرابع عشر.

الاستقلال السويسري

في عام 1648م، اعترفت الإمبراطورية الرومانية المقدسة رسميًا باستقلال سويسرا، وذلك بعد سلسلة من المعارك التي خاضها الشعب السويسري ضد الاستعمار. حقق السويسريون انتصارات أدت إلى استعادة العديد من الأراضي، وتأسيس الاتحاد السويسري الذي ضم ثلاثة عشر كانتونًا، لكل منها حكومة مستقلة، حيث تُعرف الكانتونات على أنها الولايات السويسرية. وفي عام 1798م، تدخلت القوات الفرنسية وسيطرت على سويسرا، حيث أنشأت الجمهورية الهلفتية، مما جعل الكانتونات مجرد مناطق إدارية تحت السيطرة الحكومية. لكن النظام الفيدرالي عاد فيما بعد إلى وضعه السابق، حيث توسعت سويسرا إلى 22 كانتونًا بعد مؤتمر فيينا عام 1815م، الذي أسفر عن منح سويسرا ثلاثة كانتونات كانت تحت السيطرة الفرنسية وضمان حيادها وعدم انحيازها لأي دولة. في عام 1848م، اعتمدت سويسرا دستورًا أسس لسلطة فدرالية تدير اتحاد الكانتونات.

تطور سويسرا في القرن العشرين

لم تشارك سويسرا في الحرب العالمية الأولى، وظلت متماسكة في موقفها المحايد دون انحياز لأي طرف. ومع ذلك، تأثرت بالأحداث الناتجة عن الحرب، حيث تراجعت صادراتها بشكل كبير وتعرضت بنوكها لضرر بالغ، وبلغت الأزمة الاقتصادية ذروتها عام 1936م. عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، انضمت سويسرا إلى عصبة الأمم المتحدة ومقرها مدينة جنيف. في الحرب العالمية الثانية، حافظت سويسرا على موقفها المحايد، وبعد الحرب، بدأت بالتركيز على الجانب الاقتصادي من خلال الانضمام إلى منظمات اقتصادية دولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي. نجحت سويسرا في تحقيق نمو اقتصادي ملموس جذب عددًا كبيرًا من المهاجرين للعمل في مجالات اقتصادية مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، كانت سويسرا حريصة على حقوق المواطنين، حيث منحت المرأة حق التصويت في عام 1971م وأدرجت مبدأ المساواة في الحقوق في الدستور في عام 1981م. بحلول نهاية القرن العشرين، أصبحت سويسرا واحدة من أغنى وأزهى الدول على مستوى العالم.

Scroll to Top