تحليل رواية “ورددت الجبال صدى” للكاتب خالد حسيني

التحليل الموضوعي لرواية ورددت الجبال الصدى

تُعتبر “ورددت الجبال الصدى” العمل الروائي الثالث للكاتب الأفغاني خالد حسيني، الحاصل على الجنسية الأمريكية والمقيم في الولايات المتحدة. صدرت الرواية باللغة الإنجليزية عام 2013، ومن ثم تُرجمت إلى العديد من اللغات، بما فيها العربية.

تدور أحداث الرواية في مجموعة من الدول وتضم شخصيات متنوعة، إلا أن المحور الرئيسي يتمحور حول عبد الله وشقيقته باري. تتكون الرواية من تسعة فصول، كل فصل يحمل عنوان فصل من فصول السنة. تبدأ برواية يرويها الأب لابنيه حول مزارع فقير يطرق الغول بابه ذات يوم ويطالب بواحد من أبنائه.

يُجبر الغول المزارع على الاختيار بين أبنائه، فتُسلم الأب ابنه الأصغر، وعندما يغادر الغول، يشعر الأب بالندم فيسعى إلى قتله واستعادة ابنه. وفي تلك اللحظة، يشاهد المزارع ابنه يلعب في حديقة مع مجموعة من الأطفال، حيث يُخيّره الغول بين اصطحابه إلى حياة الشقاء والفقر أو تركه يعيش، فاختار المزارع ترك ابنه وأخذ عقارًا يجعله ناسيًا لألمه.

تبدو هذه الحكاية كتمهيد للأب لابنته التي يُجبر على بيعها إلى عائلة ثرية بعد أن تُفرض عليه شروط تمنعه من رؤيتها. في هذه الأثناء، يعاني ابنه الآخر عبد الله في مخيمات اللاجئين بباكستان، ومن ثم ينتقل إلى الولايات المتحدة بحثًا عن شقيقته.

تعتبر هذه القصة بمثابة مدخل لجميع القصص التالية التي تعاني شخصياتها من تسلط الفقر، السياسة، والحروب. يتميز كل فصل بوجود راوٍ مختلف، مما يربط بينهم بطريقة سلسة تجعل الرواية تبدو كحبكة واحدة تعكس ذكاء خالد حسيني في ربط الأحداث. تحدد الرواية في 432 صفحة، وتعتبر من أدب الواقعية الذي يصور واقع أفغانستان عبر أكثر من 60 عامًا.

التحليل الأسلوبي لرواية ورددت الجبال الصدى

يمتاز أسلوب خالد حسيني في أعماله – التي بدأ نشرها منذ عام 2003 – بالبساطة والوضوح. ومع ذلك، فقد تم تقديم أسلوب أكثر عمقًا في هذه الرواية نظرًا لتعقيد معانيها وموضوعاتها. يغلب على السرد ضمير الغائب، وهو تقنية شائعة الاستخدام في العديد من الروايات، تساعد على جذب انتباه القارئ من البداية حتى النهاية.

الاستعارة والصور الفنية لرواية ورددت الجبال الصدى

تحتفظ “ورددت الجبال الصدى” بجوهر الأسلوب الذي استخدمه خالد حسيني رغم ترجمتها. تبقى الاستعارات والصور الفنية كما هي، مما يجعل القارئ يشعر بنقل فني ثقافي من خلال العبارات. على سبيل المثال، يقول في الرواية: “لا يمكن لعبد الله أن يتخيّل أن أباه كان طفلًا يتأرجح يومًا”، مما يعكس كناية عن طفولة الأب السعيدة التي حُرم منها.

تظهر في العبارات الأخرى معانٍ تصويرية للحياة الصعبة التي عاشها المزارع، مثل “هذا الأب ذو الكفّين المشققتين” و”الأب الذي يبدو أنّه قد ولد والمجرفة بيده”، وهذه التعابير تبرز بوضوح المعاناة التي عاشها الأب في طفولته.

الحوار والسرد في رواية ورددت الجبال الصدى

السرد هو تقنية استخدام اللغة لعرض الأحداث بطريقة فنية، وتتميز الرواية بحوار عميق ومعقد يفوق في تعقيده روايات حسيني السابقة. من أمثلة ذلك الحوار الذي يدور بين جوليان وباري، وهو حوار يعكس ذكاء خالد حسيني في بناء الشخصيات:

“سألها جوليان عمّا وجدته في الرياضيات، فقالت إنّها وجدت الرياضيات مريحة، فردّ عليها:

– أعتقد أنّني كنت سأقول إنّها مثيرة للرهبة بدلًا من الراحة.

– إنّها كذلك أيضًا.

تصف باري إعجابها بالحقائق الرياضية، مما يعكس عزلتها النفسية ومعاناتها في الحياة، وهذا يظهر كيف يستطيع الكاتب استخدام اللغة الغنية لتعزيز العمق والمعنى.

شخصيات رواية ورددت الجبال الصدى

تتسم شخصيات “ورددت الجبال الصدى” بالتنوع، وتعكس الغرض الذي يسعى الكاتب لتوصيله. ومن أبرز الشخصيات:

  • باري: الشخصية المركزية في الرواية التي يتخلى عنها والدها وتبدأ حياتها مع أسرة ثرية.
  • عبد الله: الشقيق الشجاع لباري، يترك أفغانستان بحثًا عن شقيقته ويعيش مغامراته الخاصة.
  • سابور: والد باري وعبد الله، يعاني من ضغوط الحياة كمزارع فقير.
  • نبي: شقيق زوجة سابور، يتعاطف مع ظروف باري.
  • السيد وحداتي: مالك البيت الذي يعمل فيه نبي، ويظهر ميلاً عاطفياً تجاهه.
  • نيلا وحداتي: شاعرة جريئة تسعى لإنقاذ باري بعد شلل زوجها.

خلاصة القول، تعتبر “ورددت الجبال الصدى” رواية فريدة، حيث استخدم حسيني تقنيات جديدة لم يستخدمها في أعماله السابقة، نظرًا للموضوع الجاد الذي يعالجه في هذا العمل.

Scroll to Top