الفلسفة الحديثة
تتباين آراء المؤرخين حول النقطة الزمنية التي تُعَد بداية تاريخ الفلسفة الحديثة. يعتقد الكثيرون أن الفيلسوف رينيه ديكارت يُعتبر الأب الروحي لهذه الفلسفة، في حين يرى آخرون أن فرنسيس بيكون هو المؤسس الحقيقي للفلسفة الحديثة. وهناك من يجد أن البداية الصحيحة تكمن في الجمع بين الفيلسوفين، حيث بدأ كلاهما تطوير رؤيتهما الفلسفية التي شكلت معالم الفلسفة الحديثة.
نشوء الفلسفة الحديثة
تنبع الفلسفة من التغيرات والتطورات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المجتمع. لقد شهدت اليونان ظهور الفلاسفة، تبعهم انتشار الأفكار في العالم الإسلامي وخارجه. وفي أوروبا، تأججت حركة الفلسفة الحديثة على خلفية استعادة الأندلس من قبل الإسبان وبروز الدولة العثمانية، مما ساهم في رحلات الاكتشاف الجغرافية التي أدت إلى اكتشاف طرق جديدة عبر العالم واكتشاف أمريكا.
ازدهرت العلوم في أوروبا نتيجة التراث الثقافي الذي تركه المسلمون، وخاصة في الأندلس، حيث تمت ترجمة أعمال العلماء والفلاسفة المسلمين. استفاد الفلاسفة الحديثون، كما في حالة ديكارت، من هذه المعارف لتطوير أفكارهم ووضع مناهج فلسفية جديدة. وقد أسهم هذا التفاعل التجاري وحركات الاستكشاف الجغرافي في خلق بيئة خصبة لظهور الفلسفة الحديثة في أوروبا.
خصائص وتيارات الفلسفة الحديثة
تتميز الفلسفة الحديثة بمجموعة من الخصائص التي تُميزها عن الفلسفات السابقة واللاحقة. ارتبطت الفلسفة الحديثة بشكل وثيق بعصر النهضة، الذي اتسم بالإنسانية، مما جعل الإنسان محور اهتمامات هذه الفلسفة. تعتمد الفلسفة الحديثة على الحس والتجربة في المنهج التجريبي، وأيضًا على العقل والتفكير النقدي في المنهج العقلاني. كما تميزت هذه الفلسفة بالتركيز على العقل كأداة رئيسية للحكم على مختلف الظواهر.
أما بالنسبة لمذاهب وتيارات الفلسفة الحديثة، فهناك اتجاهان رئيسيان شهدا اهتمام الفلاسفة، وهما: المذهب التجريبي، الذي يُنسب إلى فرانسيس بيكون، والذي يرى أن المعرفة تُكتسب من خلال التجربة واستخدام الحواس، مما يعني أن جميع المعارف مستمدة من خبرات متراكمة. وعلى الجانب الآخر، يتبنى المذهب العقلاني فكرة أن العقل البشري قادر على استخلاص واستنتاج المعرفة دون الاعتماد على الحواس. وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن العقلانية والتجريبية في تناقض، ينبغي التأكيد على أنهما يتكاملان ويعززان المعرفة البشرية بشكل متبادل.