السِّلْم
خلق الله تعالى الإنسان ليقوم بإعمار الأرض وعبادته بالطريقة التي ترضيه، لذا فإن الفطرة السليمة التي جبل عليها البشر تتمثل في حب الخير والسِّلْم والاستقرار، مع نبذ العنف والكراهية والحروب. ومع ذلك، أدت الأطماع البشرية وتغلغل الأحقاد في النفوس إلى ظهور الحروب والصراعات، مما زعزع السِّلْم في مختلف أنحاء العالم.
تعريف السِّلْم
تعكس السِّلْم حالة من التجانس المجتمعي والتكافؤ الاقتصادي والعدالة السياسية، وهو يتعارض مع العنف. كما يمكن اعتباره اتفاقا متعدد الأطراف بين الحكومات، حيث يغيب القتال والحروب. وقد يُعبر السِّلْم أيضًا عن الاستقرار الداخلي أو الهدوء في العلاقات الدولية.
تاريخ السِّلْم
شهد التاريخ العديد من الأمثلة حول السِّلْم، ومن أبرزها:
- العصر اليوناني والروماني: كان العالم مكونًا من مدن متعددة في حالة حرب دائمة حتى تم تشكيل العصبة الأَمفكتيونيّة، التي منعت أي مدينة من إعلان الحرب على الأخرى أو نهبها. وكانت الألعاب الأولمبية جزءًا من جهود الحفاظ على السلام، بالإضافة إلى فترة السلام الروماني التي استمرت حوالي مئتي عام، حيث اتسعت خلالها حدود الدولة الرومانية.
- العصور الوسطى الأوروبية: بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، أصبحت الكنيسة الداعم الرئيسي للسلام، وتم إصدار فترات تُعرف بهدنة الله وسلام الله، التي حظرت فيها الكنيسة القتال في أيام وأماكن معينة.
- القرون من الخامس عشر إلى الثامن عشر: تمت محاولة تطبيق مبدأ موازنة القوى، والذي يوزع القوى الاقتصادية والعسكرية بشكل عادل بين الدول، بحيث لا تتمكن دولة من التفوق على أخرى في الموارد.
- القرن التاسع عشر: تأسست جمعية نيويورك للسلام، وعُقدت عدة مؤتمرات في بلدان مثل بلجيكا وفرنسا وألمانيا لمناقشة حفظ السلام. كما أنشأ ألفرد نوبل جائزة للأشخاص الذين يساهمون في تحقيق السِّلْم، استنكارًا للدمار الناتج عن اختراعه للديناميت.
السِّلْم في الإسلام
يمثل السِّلْم مبدأً أساسيًا في الإسلام، وايضًا هو أحد أسماء الله الحسنى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ). وقد ذُكر السِّلْم ومشتقاته في القرآن الكريم 133 مرة، بينما ذُكر الحرب 6 مرات.
جعل الله البشرية خُلفاء في الأرض، وجعل بينهم اختلافات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا…). وقد أكدت الإسلام على احترام هذا الاختلاف منذ أربعة عشر قرنًا، حيث دعت القيم الإنسانية التي يتبناها إلى ضرورة:
- احترام جميع أشكال الحياة كجزء من الاستخلاف في الأرض.
- التعاون والعطاء كوسيلة لنبذ الصراعات ومنع الحروب، كما تم توضيحه في صحيفة المدينة المنورة بين المسلمين واليهود.
- نبذ العنف والاعتماد على الحكمة في حل النزاعات، مع المحافظة على الروح الإنسانية.
- الاستماع كأسلوب للتفاهم.
- تعزيز المحبة والتعاون كجزء من الإيمان.
- تجديد الأخوة والتكافل الاجتماعي.
نبذ الإسلام العنف والتطرف، ولم يدعُ إلى القتال إلا في حالات خاصة. ويفرق بين الجهاد والإرهاب. فالإرهاب هو الاعتداء بغير حق، بينما الجهاد يتم وفق ضوابط وإرشادات، مثل إبلاغ الخصم وعدم قتاله دون إنذار.
رغم ذلك، تبقى هناك فئات تسعى وراء العنف، وهو ما يسبب مشكلات عدة ويهدد السِّلْم الاجتماعي. ومن الضروري وجود قوانين رادعة للحفاظ على استقرار المجتمع وحماية الأفراد من الظلم.
منظمات السِّلْم العالمية
نظرًا لأهمية السِّلْم، ظهرت العديد من المنظمات التي تدعو إلى تحقيق السِّلْم العالمي ونبذ العنف مثل:
- هيئة الأمم المتحدة: منظمة دولية تأسست عام 1945، تضم 193 دولة، وتهدف إلى الحفاظ على السِّلْم والأمن الدولي، وتعزيز التنمية المستدامة.
- جامعة السِّلْم: أُنشئت عام 1980، وتهدف إلى توفير التعليم العالي المعني بالسِّلْم وتعزيز التعاون والتفاهم بين البشر.
- المنظمة العالمية للسِّلْم: منظمة غير ربحية تهدف إلى الحفاظ على الحياة الإنسانية، تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق الأهداف المشتركة.
نتائج انتشار السِّلْم في المجتمع
تتمثل نتائج السِّلْم على المجتمعات في:
- تحقيق حياة أكثر استقرارًا ورفاهية.
- ضمان الأمن والاعتراف بأهمية الإنسان على الأرض.
- تخفيف الهجرات السكانية الكبرى.
- تقليص انتشار الأمراض المعدية.
فيديو عن السِّلْم وأهميته
للتعرف على المزيد، يمكن متابعة الفيديو.