فداء الله لسيدنا إسماعيل
استبدل الله -تعالى- سيدنا إسماعيل بذبح عظيم، عندما قرر أبوه إبراهيم -عليه السلام- ذبحه امتثالًا لأمر الله -تعالى-، حيث قال الله: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ). وقد تباينت آراء المفسرين حول معناها، وهي كالتالي:
- الذبح الذي افتُدي به سيدنا إسماعيل هو كبش أبيض اللون، له قرون، وهو ما قدمه هابيل ابن آدم -عليه السلام- لله، وقد قُبل منه بعد أن رعى في الجنة لمدة أربعين عامًا.
- فداء إسماعيل كان بكبشين قرنيين أبيضين.
- يُعتقد أن الفداء كان بتيس هبط على نبي الله إبراهيم عند منحدر جبل يُعرف بثَبير، بالقرب من منى في مكة المكرمة.
لقد وصف الله -تعالى- هذا الكبش بالعظيم لأنه كان يرعى في الجنة، ولأنه ذُبح وفق ملة وسنة إبراهيم -عليه السلام-، وكان مقبولًا عند الله -تعالى-. كما أن هذا الذبح يُعتبر عظيمًا لأنه قدّم إلى الله مرتين، مرة من هابيل ومرة من إبراهيم، وقد قبله الله -تعالى- مرتين.
الأمر بذبح إسماعيل
أمر الله نبيه إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل، ولم يتأخر إسماعيل في الاستجابة لأمر الله ومساعدة والده في تنفيذ ذلك. فما الحكمة وراء أمر إبراهيم بذبح ابنه؟ وكيف استجاب إسماعيل لهذا الأمر؟
الحكمة من أمر الله لإبراهيم بذبح إسماعيل
تجلت عدة دروس عبر حادثة ذبح إبراهيم لابنه إسماعيل، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- تهذيب قلب إبراهيم -عليه السلام- من حب الابن والتعلق المفرط به، حيث أن إبراهيم -عليه السلام- أنجب إسماعيل بعد فترة طويلة من العقم، فكان من حكمة الله -تعالى- أن يُعلي تعلقه بالله -تعالى- على أي شيء آخر، حتى لا يكون حب ولده أقوى من حب الخالق.
- الله -تعالى- اتخذ إبراهيم خليلاً، ويجب على الخليل أن يكون قلبه خاليًا من أي شيء سواه. أراد الله -تعالى- أن يفرغ قلب إبراهيم من شؤون الدنيا ليكون أقرب إلى ربه.
- تعظيم الله -تعالى-، فقد اعتاد المشركون في الجاهلية تقديم القرابين لآلهتهم، فأمر الله -تعالى- إبراهيم بذبح ابنه، ثم افتداه بكبش، وهي معجزة تبرز عظمة الله.
- كان هذا الأمر اختبارًا من الله -تعالى- لإبراهيم -عليه السلام- حول مدى استعداده لتنفيذ أوامره. حينما أدرك الله -تعالى- صدق نية الأب والابن، أنقذهما بكبش عظيم.
استجابة إسماعيل للأمر بالذبح
لم يكن إسماعيل -عليه السلام- عاصيًا لأوامر الله، بل عندما أخبره والده بما أمر الله به، استجاب بكل طاعة. صبر على هذا الأمر وقبل القدر حتى أُطلق عليه لقب الذبيح، مُفضلًا حب الله -تعالى- وحب والده على حب الحياة. قال الله -تعالى-: (يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
وتجلت طاعة إسماعيل -عليه السلام- في طلبه من والده أن يُوجه وجهه للأسفل أثناء الذبح، كي لا يُرى، مما قد يُؤثر على قلب أبيه ويجعله يحيد عن أمر الله -تعالى-. حيث أضجعه إبراهيم -عليه السلام- واستعد للذبح، إلا أن السكين لم تقطع، وعندها أظهر الله -تعالى- صدق نية الأب والابن، وأُعلنت النبأ بأن الرؤية قد تحققت، وتم فداء إسماعيل بكبش عظيم.