الغيبة
تعني الغيبة في اللغة الحديث عن شخص في غيابه، وأصل الكلمة مرتبط بالغيب، وهو كل ما لا يكون في الحضور. وقد عرّفها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لأصحابه: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: ذكرُك أخاك بما يكره). وبالتالي، الغيبة تتعلق بذكر الإنسان لأخيه بما يسيء إليه، سواء كان الكلام عن شخصه، أو دينه، أو ماله، أو غير ذلك، سواء تم ذلك بالكلام أو الإشارات أو الرموز. كما يعتبر البعض أن قول “نسأل الله السلامة” أو التعجب من فعل شخص ما يدخل في سياق الغيبة.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الغيبة والبهتان، حيث قال: (أرأيتَ إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه). يُعرّف البهتان بأنه نسبة شيء غير صحيح إلى الآخرين، ويُعتبر أحد أنواع الغيبة. وقد ذُكرت في القرآن الكريم ثلاثة أنواع تتعلق بالغيبة: الغيبة، والبهتان، والإفك؛ فالغيبة تعني ذكر ما في الشخص، والإفك هو القول عن شخص ما دون التحري، في حين أن البهتان هو القول بالمعلومات الكاذبة. وقد اتفق علماء الأمة على حرمة الغيبة، حيث جاء في قوله تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ). اختلف العلماء في تصنيف الغيبة بين كونها من الكبائر أو الصغائر؛ حيث رأى البعض أنها من الكبائر بسبب الوعيد الشديد المرتبط بها، بينما توفر آخرون تفصيلًا بمعنى أن غيبة العالم أو الولي لا تعتبر كغيبته بشكل عام، وهو ما نقله ابن حجر رحمه الله.
آثار الغيبة على الأفراد والمجتمع
تسفر الغيبة عن آثار سلبية عديدة، تشمل تلك التي تظهر في الدنيا وأخرى في الآخرة. يتعين على المسلم أن يكون واعيًا لهذه الآثار ليكون أكثر حرصًا في تجنبها. فيما يلي بعض الآثار السلبية للغيبة:
- زيادة رصيد السيئات وزيادة النقص في الحسنات نتيجة لتعدي الشخص على الآخرين وظلمهم.
- الشخص المغتاب يُعتبر مفلسًا يوم القيامة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي…) ويُعتبر المفلس من جاء بصلاة وزكاة ولكنه اغتاب الآخرين.
- الغيبة قد تؤدي إلى الهجران؛ إذ يتجنب الناس الاجتماع مع المغتاب وينصحونه بالابتعاد عن ذلك.
- تؤثر سلبًا على الصوم؛ حيث إن عدم الكف عن قول الزور يُفقد الصوم قيمته.
- الذنوب المرتبطة بالغيبة لا تُغفر، إلا إذا غُفر للمغتاب.
النميمة
تُعد النميمة من الذنوب الكبيرة التي حذر الله سبحانه وتعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- منها، حيث تسهم في إفساد المجتمعات ونشر الكراهية بين الأفراد. قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ). النميمة تُعرف بأنها نقل الكلام بين الناس بهدف إحداث الفرقة. وقد حذر الرسول من دخول النار لمن يمارس النميمة بقوله: (لا يدخل الجنة قتاتٌ)، حيث أن القتات هو النمام، بينما النمام ينقل الأمور التي رآها.
الشخص الذي يمارس النميمة يتعرض لعذاب في قبره قبل يوم القيامة، كما أكد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يروي مشاهدته لقبرين كان يسكنهما النمامين. وتظهر أشكال النميمة في مجالات متعددة، والأخطر هو من يسعى لإيقاع الفتنة بين العلماء والسلطات. يتعين على الشخص الراغب في التخلص من النميمة أن يدرك مخاطرها ويركز على إصلاح نفسه وعيوبه.
آثار النميمة على الأفراد والمجتمع
للنميمة آثار سلبية تؤثر على الفرد والمجتمع على حد سواء، وتتجلى آثارها في الدنيا والآخرة، ومن أبرز تلك الآثار:
- تضع صاحبها على طريق النار.
- تؤدي إلى نشوء الكراهية والعداوة بين الأفراد المتآلفين.
- تسبب الأذى والألم وتؤدي إلى الفراق فيما بينهم.
- تشير إلى ضعف الشخص، وذاته الضعيفة، والكيد.
- تقضي على المحبة والألفة.
- تعد عارًا على من يتحدث بها وعلى من يستمع إليها.
- تشجع على التجسس على الآخرين وتتبع أخبارهم.
- يمكن أن تؤدي إلى قطع الأرزاق وتمزق المجتمعات.
- النميمة تؤذي الدين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أَدُلُّكُم على أَفْضَلَ من درجةِ الصلاةِ والصيامِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ… فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالِقَةُ).
- تؤثر سلبًا على نزول المطر من السماء.
- تجعل الشخص ذليلاً ومحتقراً.
- تحرمه من دخول الجنة وتؤدي إلى فساد الدين والدنيا.