يُعتبر إطلاق اللحية واجباً على كل رجل مسلم بالغ عاقل، حيث إن ذلك يُعد من السنن النبوية. فقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قصوا الشوارب واعفوا اللحى).
تعتبر اللحية رمزاً من رموز زينة الرجل في الإسلام، وتتنوع أشكالها بين لحى كثيفة وأخرى خفيفة. ولقد اختلفت آراء المذاهب الأربعة حول حكم إطلاق اللحية. في هذا المقال، سنناقش حكم إطلاق اللحية وفقاً لهذه المذاهب.
تعريف اللحية
- اللحية هي الشعر الذي ينمو في منطقة الخدين والذقن، ويعتبر من علامات بلوغ الرجل.
- كما أنها تمثل إحدى السنن التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون زينة لرجل.
- لذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين بإعفاء اللحى وتقصير الشوارب، وقد أبدى العديد من العلماء آراءً مختلفة حول مسألة إعفاء اللحى.
- سنتناول فيما يلي أهم الأحكام المتعلقة بحلق اللحية.
حكم حلق اللحية عند المذهب المالكي
- تُعتبر حلق اللحية محرمة في المذهب المالكي، حيث أشاروا إلى أنه يتوجب تأديب كل من يقوم بحلقها، وأوضحوا أشكال هذا التأديب كما يلي:
- السجن، الضرب، أو غير ذلك.
- ويستند هذا الحكم إلى قول الحطاب المالكي رحمه الله الذي قال: (حلق اللحية محرم، وكذلك حلق الشارب، ويعتبر بدعة، ويجب توبيخ من يقوم بذلك، إلا عند الإحرام خوفاً من طول الشارب).
حكم حلق اللحية في المذهب الشافعي
- بالرغم من أن الشافعية أقروا بكراهية حلق اللحية، إلا أنهم لم يحرموا ذلك بشكل قاطع.
- وتبنى الإمامين النووي والرافعي رحمة الله عليهما هذا الرأي، وهما من أبرز علماء المذهب الشافعي.
- كما أن الشافعية أجازت تقصير اللحى.
- استندت الشافعية في هذا إلى أن حلق اللحى يتعارض مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكم حلق اللحية عند المذهب الحنبلي
- أما المذهب الحنبلي فيتفق مع المذهب المالكي في تحريمه لحلق اللحية أو حتى تقصيرها، لما لذلك من تعارض مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
للمزيد من المعلومات:
حكم حلق اللحية عند المذهب الحنفي
- اتفق المذهب الحنفي مع المذاهب الأخرى في تحريمه لحلق اللحية باستثناء الشافعية.
- لأن ذلك يعد مناقضاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- استند المذهب الحنفي إلى حديث رسول الله الذي يوجِب إعفاء اللحية.
أشياء مستحبة للحية
هناك بعض الممارسات والسنن المستحب اتباعها عند الاهتمام باللحية، والتي سنذكرها كما يلي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له شعر فليكرمه)، مما يشير إلى أهمية العناية باللحية.
- وهذا يتطلب تنظيف اللحية وتسريحها، ويستحب أيضاً تعطيرها بالتعطرات والمسك.
- ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما يجد حتى أجد وبيث الطيب في رأسه ولحيته).
- من الأمور المكروهة لللحية تعمد تبييضها رغبةً في التباهي أو لأغراض غير مشروعة.
- كما يعتبر إزالة الشعر الأبيض من مكروهات العناية باللحية.
- تهذيب اللحية أمر مستحب، وينبغي عدم تركها غير مهذبة، بل يجب الاهتمام بإزالة الشعر الزائد.
- فإن اللحية تمثل سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يقوم بها ابتغاء وجه الله يحقق سنة الأنبياء جميعاً.
أمور تتعلق باللحية
أولاً: تخليل الأصابع أثناء الوضوء في اللحية
قامت العلماء بتوضيح الأحكام المتعلقة بتخليل اللحية أثناء الوضوء، وتفاوتت آراء المذاهب المختلفة كما يلي:
- أقر الشافعية بوجوب تنظيف اللحية، وخاصة اللحية الخفيفة مع غسلها بالماء من جميع الاتجاهات.
- أما بالنسبة لللحية الكثيفة، فيشترط تخليل الماء فيها لتنظيفها بالكامل.
- الحنفية أكدوا على وجوب تنظيف ظاهر اللحية الكثيفة، شرط أن لا يظهر جلد الوجه من تحتها.
- فيما يتعلق باللحية الخفيفة، أقروا بوجوب وصول الماء إلى الجلد، حيث لا تعيق ذلك.
- سيدنا جبريل عليه السلام قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخليل اللحية.
- ومذهب المالكية يرفض إدخال الأصابع في اللحية، سواء كانت كثيفة أو خفيفة.
- بينما الحنابلة أقروا بحق إدخال الأصابع في اللحية الكثيفة فقط أثناء الوضوء.
الأمر الثاني: صبغ اللحية
- يجوز للرجل صبغ لحيته بألوان مستحب، مع تحريمه للصبغ باللون الأسود.
- وورد في صحيح الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ما يشير إلى نهى رسول الله عن ذلك، حيث جاء رجل بأبي قحافة وكان شعره أبيض.
تهذيب اللحية وإزالة الشعر الزائد منها
- لا حرج في تهذيب اللحية وإزالة الشعر المتطاير.
- كما يمكن إزالة الشعر الزائد الذي يظهر أمام الأذنين لضمان مظهر جذاب.
- كون الله جميل يحب الجمال، ومن المحبذ أن يظهر الرجل بصورة حسنة أمام زوجته.
ما حكم حلق اللحية في حال الاضطرار؟
إن إعفاء اللحية يُعتبر سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أحاديث صحيحة تدل على ذلك، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المجوس”.
أما في حالة الضرورة، كأن تكون هناك حاجة ملحة لحلق اللحية بدافع الخوف على سلامته أو للحصول على عمل، فإنه يجوز له حلقها، فالضرورة تُقَدَّر بقدرها.
حكم حلق الشارب في المذاهب الأربعة
اتفقت آراء الفقهاء على أن قص الشارب هو سنة مؤكدة، اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم اختلفوا في تفاصيل هذه المسألة:
المذهب الحنفي
يرى الحنفية أن حلق الشارب مستحب، ويفضل أن يتم القص من أعلى الشفة العلوية.
المذهب المالكي
استند المالكيون إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم “أحفوا الشوارب” على وجوب قص الشارب، إلا أنهم يعتبرون الحلق الكامل له مكروها.
المذهب الشافعي
اعتبر الشافعية أن حف الشارب الأصلي مكروه، ويستحب قص الشعر الخارجي.
المذهب الحنبلي
يرى الحنابلة أن الأفضل هو قص الشارب مع إعفاء اللحية، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.