تاريخ البشرية
يعود ظهور أسلاف البشر الأوائل إلى ما بين 5 و7 ملايين سنة مضت، عندما بدأت بعض المخلوقات الشبيهة بالقردة في إفريقيا المشي بشكل عمودي. وبعد حوالي مليوني عام، هاجر بعض أسلاف البشر من إفريقيا إلى آسيا وأوروبا. يعتقد معظم العلماء أن الأسلاف القدماء الذين يشبهون الإنسان العاقل الحديث من الناحية التشريحية قد تطوروا قبل ما لا يقل عن 130 ألف عام، وذلك في مقابل أسلاف آخرين الذين بقوا في إفريقيا.
ومع ذلك، لم يتفق العلماء بعد على متى وأين وكيف بدأ هؤلاء البشر في إظهار التفكير الإبداعي والرمزي. بمعنى آخر، يظل السؤال مطروحًا: متى أصبحوا بشرًا كاملين من حيث السلوك والجسد؟ ومتى وأين ولدت الثقافة البشرية؟ وما هو التاريخ الدقيق لنشأة البشرية؟
ظهور الإنسان العاقل الحديث
تتعلق الصعوبة في تحديد متى ظهر الإنسان العاقل الحديث بفاصل زمني محتمل بين النقطة التي وُجد فيها لأول مرة، وبين اللحظة التي كانت فيها الحاجة إلى إظهار التفكير العقلي الحديث واستخدامه بشكل فعلي. تقول الدكتورة سالي ماكبرييرتي، المتخصصة في الأنثروبولوجيا بجامعة كونيتيكت: “قد تكون للإنسان العاقل الأقدم القدرة المعرفية على اختراع قمر صناعي مثل سبوتنيك، لكنهم لم يشعروا بالحاجة لذلك، وبالتالي لم يخترعوه”. وهذا يعني أن الإنسان القديم كان لديه القدرة على اختراع واكتشاف أشياء شبيهة بتلك التي أحدثها الإنسان الحديث، ولكنه لم يكن يحتاج لفعل ذلك في ظل الظروف البدائية المحيطة به.
التطور الشكلي والسلوكي للبشرية
أما فيما يتعلق بتطور شكل الإنسان الحديث وكيف تغير عن أسلافه، فقد ظل الشكل مستقرًا إلى حد كبير، بينما اتسم التغيير السلوكي بتسارع ملحوظ. خلال فترة تقل عن 40 ألف عام، شهدت الثقافة البشرية تطورًا كبيرًا. وفقًا لهذه الرؤية، يمكن اعتبار قبل 40 ألف عام نقطة تحول في الإبداع البشري؛ فقد بدأ البشر في صنع أدوات متقدمة، ودفن موتاهم تكريمًا لهم، وارتداء الخرز والمعلقات لتزيين أنفسهم. ومع مرور الوقت، بدأوا في رسم لوحات فنية رائعة على جدران الكهوف، depicting مشاهد للحيوانات مثل الغزلان والخيول، مما يعكس جوانب من حياتهم وأفكارهم في تلك الفترة البعيدة.
ثم ظهر السلوك الحديث المبكر، متجسدًا في تقنيات مثل استخدام الأدوات الحجرية، وتطوير أدوات مصنوعة من العظام، والتجارة على مسافات طويلة، وتحسين الأنظمة الغذائية وتعزيز تنوعها. كما كان هناك اهتمام بالزخرفة الذاتية، وإنشاء التصميمات المجردة، والنحت على الأدوات الخاصة بهم.
أشار الدكتور ماكبريتي من جامعة أوكون والدكتورة أليسون بروكس من جامعة جورج واشنطن إلى أن العديد من القطع الأثرية التي تشير إلى السلوك الحديث للبشر في إفريقيا “لم تظهر فجأة في وقت واحد كما اقترحت بعض الفرضيات العلمية، ولكنها تكشفت في مواقع مختلفة بشكل كبير في الزمان والمكان.”