الطب
يعد الطب جزءًا أساسيًا من التاريخ البشري، حيث يعود إلى الأيام الأولى للإنسان. مع إدراكه لوجود الأمراض، سعى الإنسان لاكتشاف العلاجات المناسبة، سواءً كان ذلك عبر معالجة الجروح أو المساعدة في عمليات الولادة. في بادئ الأمر، كانت تُنسب أصول الأمراض إلى قوى خارقة للطبيعة وأسطورية.
منذ القدم، اعتمد الإنسان على النباتات في العلاج؛ إذ كان استخدام الأعشاب أمرًا شائعًا بين مختلف القبائل، ويعتقد العلماء أن هذه الممارسة تعود إلى ما قبل التاريخ. ومع ذلك، يعدّ الفراعنة المصريون من أوائل الحضارات التي وثّقّت المعرفة الطبية بشكل علمي.
الطب في مصر القديمة وبابل
تمتع المصريون القدماء بفهمٍ أساسيات الطب، حيث كانوا يعالجون بعض الأمراض اعتمادًا على معتقداتهم حول وجود قوى خفية تسبب الأمراض. رغم عدم معرفتهم التامة لأسباب الأمراض، كانوا مدركين لبعض الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ، فضلاً عن أهمية الهواء ونبض القلب في الحفاظ على حياة الإنسان.
تعتبر بردية إبيرس، المكتوبة عام 1550 قبل الميلاد، من أقدم الوثائق الطبية، حيث تحتوي على معلومات حول الأعشاب واستخدامها في علاج بعض الأمراض. من جانبهم، عرف البابليون بعض الأمراض وطرق تشخيصها وعلاجها، مع وجود نصوص تصف تلك الأمراض وأساليب علاجها.
الطب عند الإغريق والرومان
لقد كان للإغريق مساهمة بارزة في تاريخ الطب، مثلهم مثل المصريين والرومان. ويُعدّ أبقراط، المعروف بلقب “أبو الطب”، أحد أشهر الأطباء في تلك الحقبة. حيث كان أول من وثّق المعلومات الطبية وأسهم في تحرير الناس من الطقوس السحرية التي كانت تُمارس لعلاج الأمراض. كما ابتكر قسم أبقراط الذي يُلزِم الأطباء بالتعهد قبل ممارسة الطب، في وقت كان الإغريق يعزون فيه الظواهر إلى تدخل الآلهة.
وفي الإلياذة، ذُكِر أن الأطباء كانوا يعالجون الجرحى في المعارك، رغم أن الكثير من الإغريق تفضّل الذهاب إلى المعابد مُمارسين الطقوس التقليدية للشفاء. وبمجرد دوران عجلة الزمن، تعلّم الرومان الكثير من الطب من الإغريق بعد أن تمكنوا من السيطرة على الأراضي المختلفة. وعلى الرغم من استعارتهم لأفكار الإغريق، إلا أنهم لم يتجاهلوا جهودهم في تعزيز الصحة العامة.
الطب في العصور الإسلامية
شهد الطب في الدول الإسلامية تطورًا ملحوظًا بفضل جهود العلماء المسلمين. بدأت حركة ترجمة الأعمال الطبية، حيث تمت ترجمة كتب أبقراط وجالينوس إلى العربية. وبرز عدد من العلماء مثل ابن سينا وابن حيان، مما أدى إلى تقدم كبير في مجالات التشريح والصيدلة والجراحة وغيرها من تطبيقات الطب.
الطب في العصر الحديث
شهد الطب تطورًا هائلًا في العصور الحديثة، خاصة بعد الفتوحات العلمية والثورة الصناعية التي ساهمت في تحسين مختلف المجالات. إذ أدت الاكتشافات مثل الكهرباء إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية وابتكار العديد من الأجهزة الطبية، مما ساعد بشكل كبير في التشخيص والعلاج. وقد أصبحت العمليات الجراحية اليوم، والتي كانت تُعتبر مستحيلة في الماضي، ممكنة بفضل التقدم الطبي المستمر.