تاريخ الإمبراطورية العباسية

الدولة العباسية

تأسست الدولة العباسية نتيجة لدعاية قوية استمرت لنحو ثلاثة عقود، حيث جذبت كل من عارض الأمويين، وكان شعارها “الرضا من آل محمد – عليه السلام -“. وقد تأسست الدولة العباسية بعد سقوط الدولة الأموية، وفي هذا المقال سنستعرض تاريخ الدولة العباسية بالتفصيل.

تاريخ الدولة العباسية

شهدت البلاد الإسلامية فترة من العدل والحرية خلال حكم (عمر بن عبد العزيز)، حيث أوقف اضطهاد بني هاشم. كما أن (هشام) عندما تولى الحكم أحسن إلى (علي بن عبد الله بن العباس) وقربه إليه، بل وتغافل عن محاولاته الساعية نحو الخلافة. لم يكن هشام يتوقع أن يشكل بنو العباس تهديدًا لبني أمية، وقد أشار بعض الباحثين إلى أن (علي بن عبد الله بن العباس) هو من بدأ بتنظيم دعوة العباسيين لنقل الخلافة إليهم، حيث أظهر علانية رغبته في أن تصبح الخلافة عباسية.

بدأت الدعوة العباسية بتنظيم سري بقيادة (محمد بن علي العباسي)، الذي واصل تنظيم الحركة وفق أسس العقيدة السنية حتى وفاته عام 125 هـ. استمرت الدعوة في السرية حتى عام 129 هـ، عندما تم إعلانها على يد (أبي مسلم الخراساني)، الذي أمر أتباعه بتعميم ارتداء الملابس السوداء كعلامة مميزة للعباسيين، مقابل الشعار الأبيض الذي اتبعه الأمويون. ومنذ انطلاق الدعوة العباسية، دارت الاشتباكات بين العباسيين وأعدائهم من بني أمية، حتى نشأت الدولة العباسية بعد انتهاء معركة الزاب، وكان أول خليفة عباسي هو (أبو العباس عبد الله السفاح).

عصور الدولة العباسية

يمكن تقسيم تاريخ الدولة العباسية إلى عصرين رئيسيين، هما:

  • العصر العباسي الأول: بدأ من تأسيس الدولة العباسية عام 132 هـ/749 م على يد أبو العباس عبد الله السفاح، واستمر حتى مقتل الخليفة المتوكل على الله عام 247 هـ/847 م. على الرغم من قوة الدولة العباسية في هذا العصر، إلا أن عدة خلفاء لقوا حتفهم نتيجة القتل. وقد تميز العصر بأمور عدة، منها:
    • سيطرة الفرس على هيكل الدولة الإداري والعسكري، مما دفع العرب إلى الابتعاد عن العباسيين وتفضيلهم الفرس، حيث تماثل نظام الدولة العباسية آنذاك مع نظام الحكم الفارسي خلال عصر الساسانيين، وقد ساعد الفرس العباسيين في تأسيس دولتهم.
    • ظهور الوزارة، وكان أول وزير هو (أبو سلمة الخلال)، لكن الوزارة كانت ضعيفة مقارنة بالخلافة القوية في هذا العصر.
    • تأسيس جهاز الكتّاب للكتابة، نظرًا لتعدد الدواوين ولتقديم المساعدة للوزراء ورجال الدولة والولاة، وقد شغل كتّاب من الفرس هذه المناصب نظرًا لمهارتهم في الكتابة.

برز خلال هذا العصر العديد من الخلفاء الذين ساهموا في بناء الدولة العباسية، ويبرز الجدول التالي أهم خلفاء هذه المرحلة ومدة حكم كل منهم:

الخليفةمدة حكمه
أبو العباس عبد الله السفاح5 سنوات
أبو جعفر المنصور21 سنة
محمد المهدي10 سنوات
أبو محمد موسى الهاديسنة واحدة
هارون الرشيد23 سنة
أبو عبد الله محمد الأمين4 سنوات
عبد الله المأمون6 سنوات
إبراهيم بن المهدي المباركسنتان
المعتصم بالله24 سنة
الواثق بالله4 سنوات
المتوكل على الله14 سنة
  • العصر العباسي الثاني: بدأ هذا العصر عندما شهدت الدولة العباسية فوضى، حيث تمكن القادة العسكريون من السيطرة على الحكم، وظهرت دول كثيرة في مدينة بغداد، مثل السلاجقة والبويهيين، بالإضافة إلى دول أخرى في المغرب العربي. وكان انتقال السلطة يتسم بإما الخلع أو القتل، وأصبح الحكم في هذا العصر بالسيف دون الرأي، مما أدى إلى فرض الفوضى، وأسهم في ضعف الدولة وانهيارها.

الفتوحات في العهد العباسي

استمر المسلمون في العهد العباسي في توسيع فتوحاتهم حتى بلغوا البوسفور، حيث تمكنوا من فتح كشمير وقندهار والملتّان. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل واصل المسلمون زحفهم نحو صقلية ثم نحو إيطاليا. وفي إفريقيا، رغم أن السودان والنوبة قد فتحا سابقًا، إلا أن النوبيين لم يستمروا في الالتزام بالصلح، مما استدعى الولاة تنظيم حملات عسكرية لإجبارهم على دفع الجزية. كما تمكن العباسيون من فتح غانا الوثنية، وهي جزء من السودان الغربي، وواصل المسلمون خلال العهد العباسي زحفهم نحو شمال آسيا وشرق أوروبا حتى أسلمت تركستان.

العلم في العهد العباسي

ميز المسلمون بين العلوم حسب مصادرها؛ فكانت العلوم المستنبطة من القرآن الكريم تُعرف بالعلوم الشرعية أو النقليّة، مثل علم القراءات والتفسير والنحو والفقه والحديث، حيث انشغل الناس بها في العصر العباسي الأول. كما ظهرت مذاهب فقهية عديدة منها المذهب المالكي والشافعي والحنبلي والحنفي. بينما العلوم المكتسبة من الأمم الأخرى عرفت باسم العلوم الحكمية أو العقلية، وازدهرت الترجمة خلال حكم هارون الرشيد، وازدهرت أيضًا العديد من العلوم مثل الجغرافيا والرياضيات والفلك، بالإضافة إلى الطب الذي اشتهر فيه الطبيب (ابن بختيشوع) خلال عصر هارون الرشيد.

ضعف الدولة العباسية

لم تكن السيطرة العسكرية للقادة الأتراك على الخلفاء العباسيين هي السبب الوحيد في ضعف الدولة العباسية وانهيارها، بل كان هناك عوامل عدة ساهمت في ذلك، من بينها:

  • انغماس المجتمع العباسي في الترف، حيث طغت المادة على الحياة وانهارت القيم، مما أدى إلى انحراف الناس نحو اللهو والفساد وزيادة حب الدنيا.
  • انتشار الشعوبية وتفضيل العجم على العرب.
  • ظهور حركات انفصالية ونشوء دول داخل الدولة الإسلامية وزيادة عدد الدول المستقلة عنها.
Scroll to Top