المغرب العصرية
استقلت المملكة المغربية في عام 1956، ومنذ لحظة الاستقلال، بدأت جهود بناء دولة حديثة تتماشى مع متطلبات العصر الحديث. تطلب هذا البناء سلسلة من المراحل والإجراءات الضرورية، التي شملت مختلف جوانب الحياة في البلاد.
المراحل الرئيسية في إنشاء الدولة المغربية الحديثة
لتحقيق بناء دولة حديثة، كان على المغرب تخطي مجموعة من المراحل الرئيسية، وهي:
مرحلة بناء الدولة العصرية
استمرت هذه المرحلة من 1956 حتى 1962، وشملت جميع جوانب التحديث في عدة مجالات مثل تشكيل القوات المسلحة الملكية، وإصدار العملة المغربية (الدرهم). وتضمنت أيضًا ترسيخ أسس الديمقراطية من خلال وضع عدد من القوانين المهمة، مثل قانون العمل ومجلة الأحوال الشخصية، فضلًا عن وضع نظام للوظائف العامة.
مرحلة تعزيز النظام الديمقراطي
امتدت هذه المرحلة من 1962 حتى 1998، حيث دخل المغرب حيز الدستور بفضل التصويت على أول دستور للمملكة، الذي تم وضعه في عام 1962. وقد أسس هذا لتطبيق النظام الملكي الدستوري الديمقراطي، الذي يقوم على أساس التعدّدية الحزبية والنظام البرلماني.
على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية، اختار المغرب الاتجاه الليبرالي مع استمرار دور الدولة في توجيه الاقتصاد. وقد تم تطبيق سياسة “المخططات الاقتصادية” الهادفة إلى تحقيق أهداف متنوعة. ورغم ذلك، استمر القطاع الفلاحي في الحصول على النصيب الأكبر من الاهتمام. ولحل النزاعات الاجتماعية الناجمة عن التحولات، شجعت الحكومة عملية الحوار الاجتماعي بأسلوب ديمقراطي.
مرحلة ترسيخ دولة الحق والقانون
بدأت هذه المرحلة في عام 1998، حيث دخل المغرب عهدًا جديدًا مع وصول المعارضة إلى الحكم وصعود الملك محمد السادس إلى العرش.
منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، أطلق مفهومًا جديدًا للسلطة قائمًا على تحقيق دعائم دولة الحق والقانون. وشرع في إجراء العديد من الإصلاحات عبر كافة القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، من خلال إصدار قوانين في المجال الاقتصادي مثل مدونة التجارة وقانون الاستثمار. وفي الجانب الاجتماعي، أصدر مدونة الأسرة ومجلة الشغل، بينما في المجال الحقوقي والسياسي تم إصدار قانون الصحافة والمسطرة الجنائية.
إلى جانب ذلك، شهد عهد الملك محمد السادس تأسيس العديد من المؤسسات الاجتماعية، مثل مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن. كما تم إنشاء عدة هيئات حقوقية مثل هيئة المصالحة والإنصاف، والتي تهدف إلى تعويض المتضررين من فترة الاضطرابات والحروب.
من خلال تخطي هذه المراحل، استطاع المغرب أن يؤسس دولة عصرية تعتبر دولة الحق والقانون، عبر ترسيخ الديمقراطية في شتى المجالات.