افعل ما تريد، فكما تعامل الآخرين تُعامَل

الحديث المشهور “افعل ما شئت كما تدين تدان” يحمل في طياته معنى عميقًا وحكمة بالغة، إذ يعتبر نصيحة للناس تحثهم على حسن التصرف في مختلف جوانب حياتهم، حيث أن أفعال الإنسان تؤثر بشكل مباشر على تجربته في الحياة.

صحة حديث افعل ما شئت كما تدين تدان

  • تم تفصيل هذا الحديث في كتاب كشف الخفاء للعجلوني، بينما أشار الألباني إلى ضعفه في كتاب ضعيف الجامع.
  • يعكس هذا الحديث فكرة أن الإنسان يُجزى وفق أفعاله، وما يتعرض له في حياته يعود إلى تصرفاته.
  • كما يقول المثل: “الجزاء من جنس العمل”، وأشار المناوي في كتابه فيض القدير إلى أن تعاملات الأفراد تعكس ما يُعاملون به.
  • تُشير الفعل المبتدأ الذي وُصف بأنه جزاء، إلى النتائج التي يواجهها الفرد نتيجة لأفعاله، سواء كانت مكافأة أو عقوبة.
  • قال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}، مما يدل على أن الجزاء المماثل هو أمر مشروع في الإسلام.
  • أضاف الميداني أننا نكون مُحاسبين وفق ما نفعله، أي كما تُجازى الأفراد على أفعالهم، كذلك نجد الجزاء لأفعالنا.
  • يشير هذا الحديث إلى أصول قوية في الشريعة الإسلامية كما تؤكد ذلك دار الإفتاء.
  • موضحةً أن هذه العبارة جاءت في حديث شريف قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا يموت، فكن كما شئت كما تدين تدان” أخرجه معمر في جامعه والبيهقي في الأسماء والصفات.
  • كما ذكرت دار الإفتاء أن معنى هذه العبارة هو أن الفرد سيتعامل معه كما يتعامل مع الآخرين.
  • في السابق، كان يُقال “كلٌ يُحصد ما يزرع”، و”حصاد يومك زرع غدك”. وقد أشار مختار الصحاح إلى أن الدين هو الجزاء.
  • وهكذا، يُقال “دانه يدينه دينًا” بمعنى جازاه، وجاءت الآية “إنا لمدينون” لتشير إلى أننا سنحاسب.
  • من المهم أن نُدرك أن كل فرد يُجازى وفق أعماله، ولا تتحمل نفس العقوبة عن ذنوب الآخرين.

معنى حديث كما تدين تدان

  • قال أبي الدرداء -رضي الله عنه-: “البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والدين لا ينام، فكُن كما شئت، كما تدين تُدان”.
  • هذا الحديث يشير إلى أن الفرد سيواجه نتائج أفعاله وفق طبيعة صنيعه.
  • لذا، يقال للناس “افعل ما شئت، فإنك ستواجه ما تفعله، سواء كان خيرًا أو شرًا”.
  • إن لكل فرد تأثير مباشر على حياته، فإذا عمل الخير وجد خيرًا، وإذا عمل السوء واجه سوءًا.
  • كأدلة، قال الله تعالی: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)، وأيضًا: (إِنَّمَا بَغْيُكُم عَلَى أَنْفُسِكُمْ).
  • يجب على الفرد أن يكون واعيًا بأن أفعاله ستؤثر عليه، ولذلك ينبغي عليه أن يحسن تصرفاته.
  • قديماً، كانت العبارة “دنته بما صنع” تعني أن هذا الشخص نال ما يستحق من جزاء فعله.
  • هذه الحكمة توارثتها الأجيال وتعتبر جزءًا من القيم الأخلاقية التي يتبعها الناس من زمن بعيد حتى الآن.
  • فهذا يعد جزءًا من السنن الكونية، وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد دلالة هذه العبارة.
  • كما أن السنة النبوية أكدت ذلك، وبصورة عامة، لا يُقر القرآن والسنة إلا بمفهوم له قيمة ومعنى حقيقي.

المعاني التي تضمّنها الأثر

يمتاز هذا الحديث بالعديد من المعاني القيمة التي يجب على المسلمين فهمها جيدًا، وإليك بعض هذه المعاني المهمة:

البر لا يَبلى

  • الخير الذي يُقدمه الفرد للآخرين له أثرٌ دائم، ولا يذهب سُدًى بل يبقى أثره في الحياة.
  • حيث سيشعر الشخص بعمق هذا الأثر في تجاربه وظروف حياته.
  • على سبيل المثال، الكلمات الطيبة التي يُقدمها لشخص ما تُبقي أثرها في كل الأوقات.
  • قد ينسى الفرد الأعمال الخيرة التي فعلها، لكن الله يحفظها له.
  • قال الله في كتابه: (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
  • تشير عبارة “لا يبلى” إلى أن أجر هذا العمل لا يُفقد، بل يستمر ولا يذهب هباءً.
  • قال بعض العلماء إن المقصود هو استمرار ذكر الفعل والثناء عليه في الدنيا والآخرة.
  • وهذا يعني أن الفرد سيُجازى على أفعاله، سواء كانت خيراً أم شراً.

الذنب لا يُنسى

  • من المعاني الرئيسية في هذا الحديث أن الأفعال السلبية التي يرتكبها الفرد لا تُنسى.
  • ذُكِر الذنب بصيغة غير محدد لتدل على حقيقة أن الجزاء على الذنب هو واقع ينبغي على الفرد التعامل معه، والله لا ينظر تجاهله.
  • كما تشير هذه العبارة إلى أن العقاب حتمي، ويجب على الإنسان أن يسعى للاستغفار.
  • إن نسيان المسلم لذنوبه قد يؤدي إلى فقدان النعم ووقع التحديات عليه.
  • قال الله تعالى: (لا يَضِلُّ رَبّي وَلا يَنسَى).

الدَّيّان لا يموت

  • تعني كلمة الديان أحد أسماء الله الحسنى، وهو الذي يحاسب وينصف العباد بناءً على أفعالهم.
  • وهي تشير أيضًا إلى أن الله سبحانه وتعالى يحكم بين عباده سيظل قائمًا.
  • تدل الكلمة على القهر، حيث ينحنون الناس له بالطاعة، وهي تعني أيضًا أن الله يرد الحقوق للمظلومين.
  • يشير المعنى أيضًا إلى أن كل فرد يُجازى وفق أعماله، والعدل في حكم الله لا يظلم أحدًا.
  • كما ورد في الحديث القدسي: (يا عِبَادِي إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاها، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن وَجَدَ غَيْرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ).
  • اسم الله الديان يشير إلى استمرارية وجوده، فهو سبحانه وتعالى يبقى ولا يزول.
  • يحفظ الله كل إنسان حقه، حيث تتضمن معنى القول أن الحقوق لا تضيع، وكل فرد يحصل على ما له.

كيف أفهم “كما تدين تدان” بعد التوبة؟

من المعروف أن كل فرد محاسب على أعماله، وقد أكدت ذلك السنة النبوية والقرآن الكريم، وها هي الأدلة:

من القرآن الكريم

  • أحد الأدلة من القرآن الكريم هو قوله تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ).

من السنة النبوية

  • ومن السنة النبوية، قال رسول الله ﷺ: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).
  • عند النظر في حكم هذا الحديث بعد التوبة، نجد إمكانية عدم عقاب الفرد.
  • فالله سبحانه وتعالى عفوٌ غفور، وقد وعد عباده بأنه بمجرد صدق النية في التوبة، ستُمحى ذنوبهم.
  • لذا، إذا تاب العبد توبة صادقة، وقرر عدم العودة لتلك الذنوب مرة أخرى، فمن المؤكد أن الله تعالى سوف يغفر له.
Scroll to Top