غزوة أحد
تعتبر غزوة أحد من أبرز المعارك التي خاضها المسلمون بعد غزوة بدر، إذ وقعت في اليوم السابع من شهر شوال في السنة الثالثة للهجرة. جرت المعركة بين المسلمين بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش التي كان يقودها أبو سفيان بن حرب. وقد أُطلق على هذه الغزوة اسم “أحد” نسبة إلى جبل أحد الذي يقع بالقرب من المدينة المنورة، حيث دارت الأحداث في الجزء الجنوبي من الجبل.
ما دفع قريش إلى هذه المعركة هو ملاحظة ازدياد قوة المسلمين بعد انتصارهم في غزوة بدر، مما ساهم في تعزيز شوكتهم واحتكارهم للطرق التجارية المؤدية إلى بلاد الشام. هذا الأمر بالإضافة إلى التهديد الذي مثله المسلمون لوجود قريش في منطقة الحجاز، جعل القبيلة تشعر بأن تجارتها التي تعتمد بشكل كبير على رحلتي الشتاء والصيف باتت مهددة.
تعتمد تجارة اليمن بشكل رئيسي على سلع وبضائع بلاد الشام، كما تعتمد الأخيرة في جانب كبير من تجارتها على سلع من اليمن. لهذه الأسباب، كان من الضروري أن تسعى قريش للانتقام من المسلمين قبل أن تزداد قوتهم وتحتدم الصراعات.
استعداد المسلمين
شارك في المعركة نحو ألف مقاتل من المسلمين. وضعت القيادة الإسلامية خطة محكمة، حيث كانت المدينة أمامهم وجبل أحد خلفهم، بينما تكفل عدد من الصحابة بحماية قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم، وحراسة مداخل المدينة وحماية أسوارها. كما أُمر خمسون من رماة المسلمين بالاعتلاء على قمة جبل مشرفة على المعركة، مع التعليمات بعدم النزول حتى تصدر الأوامر المناسبة مهما كانت تطورات الأحداث.
استعداد قريش وحلفائها
عملت قريش على تحضير جيش ضخم لمواجهة المسلمين، فذهب كل من عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أميّة، وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان لجمع الأموال اللازمة لتجهيز القافلة والجيش. كما بادرت قريش بإرسال عدد من رجالها إلى القبائل المجاورة لتحفيزهم على المشاركة في المعركة ضد المسلمين.
بالإضافة إلى ذلك، فتحت قريش باب التطوع للراغبين في الانضمام إلى جيشها من الأحباش ومن قبيلة كنانة ومن سكان تهامة. وقد بلغ عدد جيش المشركين حوالي ثلاثة آلاف مقاتل، حيث تولى أبو سفيان قيادة الجيش، بينما كان خالد بن الوليد يقود الفرسان بالتعاون مع عكرمة بن أبي جهل.
نتائج المعركة
انقلبت مجريات المعركة في نهايتها لصالح المشركين، حيث أصيب النبي صلى الله عليه وسلم. وشهدت المعركة استشهاد حمزة بن عبد المطلب، مما سبب حزنًا شديدًا للنبي الكريم، بالإضافة إلى استشهاد أربعة من المهاجرين. وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في أرض المعركة.
قال الله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). بعد المعركة، استعاد المسلمون زمام المبادرة في واقعة حمراء الأسد وحققوا انتصارًا مدويًا على قريش.