التحليل الموضوعي لرواية عداء الطائرة الورقية
تُعد رواية “عداء الطائرة الورقية” العمل الأدبي الأول للكاتب الأمريكي من أصل أفغاني خالد حسيني. تدور أحداث الرواية حول الفتى أمير وصديقه المقرب حسن، اللذين نشئا في حي وزير أكبر خان بكابل. تتناول القصة الفترة التي تلت التدخل العسكري السوفييتي الذي أدى إلى انهيار النظام الملكي في أفغانستان، ومن ثم صعود نظام طالبان، مما تسبب في نزوح الكثير من اللاجئين إلى الولايات المتحدة، بما فيهم أمير الذي غادر مع والده إلى باكستان ودول الجوار.
حظيت رواية “عداء الطائرة الورقية” بشعبية واسعة بعد صدورها، حيث أصبحت من أكثر الروايات مبيعاً، إذ نُشرت منها أكثر من سبعة ملايين نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصدرت قوائم نيويورك تايمز لأفضل الروايات مبيعاً لأكثر من عامين. رغم هذه النجاحات، واجهت الرواية انتقادات من بعض الكتاب داخل أفغانستان.
تتجلى مشاعر الذنب في الرواية من خلال حادثة تعرض حسن للاعتداء، حيث عجز أمير عن الدفاع عنه، مما شكل حبكة العمل. يناقش الكاتب العلاقة الأسرية بين الأب وابنه، ويستعرض في النصف الثاني من الرواية سعي أمير للتكفير عن ذنبه عبر محاولته إنقاذ ابن صديقه بعد مضي عقدين من الزمن.
تتعمق الرواية في الروابط بين الآباء والأبناء، مع التركيز على القيم الأسرية. وقد كانت من العوامل التي دفعت الكاتب خالد حسيني لتسمية روايته بهذا الاسم، هو الحظر الذي فرضته طالبان على رياضة الطائرة الورقية، والتي تُعتبر من أعرق التقاليد وأجملها في كابل، مسقط رأسه، حيث كان الأطفال يستمتعون بها في حيهم.
تحليل رواية عداء الطائرة الورقية
تتناول الرواية جمال الطبيعة في أفغانستان، مستعرضةً الجبال والأنهار، وقد تناول خالد حسيني الثقافة والعلم في بلاده، ليُعرّف العالم بتراث أفغانستان الحضاري. كما تطرق الكاتب إلى الدمار الذي ألحقته الحروب ببلاده، وما ترتب على ذلك من تشريد العديد من سكانها، جاعلاً من روايته وسيلة لنقل رسالة عن واقع أفغانستان المأساوي.
استخدم الكاتب أسلوباً مليئاً بالحب والأمل، مع التركيز على الروابط الأسرية والصداقة، وأحاسيس الحزن والفقد لوطن تحول إلى خراب بفعل الصراعات، مما يعكس شوقه إلى ماضيه الجميل وأيامه المشرقة.
تحدث الكاتب كذلك عن القضايا الاجتماعية والنفسية التي تتكون في الإنسان منذ الصغر، حيث تتجلى الحوادث التي تجعل أمير يشعر بالندم بعد عدم تمكنه من إنقاذ صديقه، والقلق الذي رافقه في تلك اللحظات، مما جعله يعيش مع هذا الندم حتى بعد عشرين عاماً.
الاستعارة والصور الفنية في رواية عداء الطائرة الورقية
استعان الكاتب بتقنيات متعددة من الاستعارات والصور الفنية لتوصيل الرسالة التي يرغب في إيصالها للقارئ. ومن الأمثلة المعبرة التي استخدمها:
“عندما تقتل رجلًا، فإنك تسرق حياة، كما تسرق حق زوجته في أن يكون لها زوج، وتسرق من أطفاله أباهم. وعندما تكذب، تسرق حق شخص في معرفة الحقيقة، وعندما تغش، تسرق الحق في المنافسة الشريفة”.
“إن العيون نوافذ على الروح”.
الحوار والسرد في رواية عداء الطائرة الورقية
سرد الكاتب خالد حسيني الأحداث والحوار بطريقة تجعل القارئ يتفاعل مع موضوعات الصداقة والندم والروابط الأسرية بشكل عميق.
واحدة من الحوارات البارزة في الرواية كانت: “قالت: أنا خائفة جداً. قلت: لماذا؟ قالت: لأنني أشعر بسعادة غامرة، إن سعادتي بمثل هذا القدر مرعبة. سألتها: لماذا؟ قالت: لا يتركونك سعيدًا بهذا الحد إلا إذا كانوا سيأخذون شيئًا منك”.
شخصيات رواية عداء الطائرة الورقية
يمكن تصنيف شخصيات الرواية إلى رئيسية وثانوية، وتعتبر من العناصر الحيوية فيها. ومن بين الشخصيات الرئيسية:
- آصف
- حسن
حسن هو صديق البطل والذي تعرض للاعتداء، مما تسبب للشخصية الرئيسية أمير بشعور عميق من الندم الذي يرافقه طوال الرواية.
- رحيم خان
كان صديقاً للبطل أيضاً.
- علي
والد حسن، رجل متدين تزوج من ابنة عمه، صنبور، التي كانت أصغر منه بعام لكن تركت طفلها في صغره للذهاب مع فرقة مغنين وراقصين.
- صنبور
والدة حسن التي تزوجت من ابن عمها وتركت طفلها حديث الولادة.
- فريد
- حسان
- سهراب
- ثريا
- أمير
آراء النقاد حول رواية عداء الطائرة الورقية
على الرغم من شعبية الرواية وانتشارها بين القراء العرب والغربيين، إلا أنها تلقت مجموعة من الانتقادات. وفيما يلي أبرز الآراء النقدية:
- صحيفة نيويورك تايمز
ناقشت اطروحات الكاتب حول الصداقة وعن صورة أفغانستان قبل الثورة.
- صحيفة هيوستن كرونيكل
القليل من الروايات تقترب من مستوى “عداء الطائرة الورقية”، التي وصفت العادات والتقاليد، وكشفت عن المآسي التي عاشها الشعب الأفغاني.
- الكاتب المغربي عبد الرحيم جيران
“تتأسس الهوية السردية على أساس مقولة التعرف في نهاية الفعل السردي، وكشف الخصائص المحددة للذات، والذي يظهر من خلال اكتشاف الصراعات النفسية الماضية.” كما تناول الصراع النفسي الذي مر به أمير كطفل شهد الاعتداء على صديقه مما ترك آثاراً طويلة الأمد عليه.