الفلسفة اليونانية
الفلسفة هو مصطلح يوناني يُعبر عن “طلب الحكمة”، والشخص الذي يكرس جهوده لدراستها يُعرف باسم (فيلسوف). نشأت الفلسفة اليونانية في القرن السادس قبل الميلاد، حيث ركزت على دراسة الأسباب التي أدت إلى ظهور العالم. وقد انقسم الفلاسفة اليونانيون في آرائهم حول هذه القضية، إذ اعتبر بعضهم أن هناك قوى خارقة تسببت في خلق العالم، في حين رأى آخرون أن لهذه الظاهرة أسباباً مادية وطبيعية، مما أدى إلى نقاشات عميقة حول هذين الاعتقادين. وقد أجرى الفلاسفة أبحاثاً مكثفة لمعرفة أصل العالم والأسباب التي أدت إلى ظهوره بالاعتماد على التفكير النقدي والتحليل.
ومع ذلك، لا تعني هذه النقاشات أن الفلسفة اليونانية كانت خالية من الأساطير والقصص الخارجة عن المنطق. بل كانت تحتوي على العديد من هذه الأساطير التي تم نقلها من حضارات وشعوب أخرى مثل الفراعنة والفينيقيين. غير أن الفلسفة اليونانية تميزت بطرحها المنطقي لهذه الأفكار الأسطورية، مما ساهم في تطوير الفكر الإنساني. ولذلك، نجد أن الأوروبيين أحياناً يظهرون نوعاً من الغرور في تعاملهم مع الآخرين، وهو ما يعود إلى حجم الإنتاج الفلسفي والعلمي الذي وصلوا إليه. إلا أن الحقيقة التاريخية التي يتجاهلونها تُظهر أن أفكارهم ليست سوى جزء من مسار الفلسفة والعلم، مقارنة بالإنجازات الأخرى التي حققتها الأمم الشرقية، وخاصة العرب.
تاريخ الفلسفة اليونانية
تُعد المراجع المتعلقة بالفلسفة اليونانية قليلة نسبياً، حيث أن المعلومات التي لدينا تعتمد إلى حد كبير على ما كُتب في عصر الفيلسوف سقراط. لذلك، فإن الأبحاث والدراسات المعنية بتلك الفترة التاريخية تستند إلى آثار الفلاسفة الذين وثّقوا أفكارهم، مثل أفلاطون وأرسطو.
الفلسفة اليونانية تتألف من عدة مراحل لا تعتمد فقط على التسلسل الزمني، بل أيضاً على الإنجازات الفلسفية التي تمخضت عنها. وقد تمحورت الدراسات حول سؤالين رئيسيين: ما هي المادة التي يتكون منها العالم؟ (التفكير المادي الطبيعي)، وما هي القوى الخارقة التي أسست العالم؟ (مجموعة من الأساطير). لذلك، تم تصنيف تاريخ الفلسفة اليونانية إلى مدارس متعددة تعكس مختلف الأفكار المطروحة، ومن بين هذه المدارس:
المدرسة الأيونية
سميت المدرسة الأيونية بهذا الاسم نسبة إلى إقليم أيونيا الموجود في آسيا الصغرى، والذي ضم اثني عشر مدينة كانت تتمتع بحكومات مستقلة لكن كانت تتعاون في العديد من المجالات بما في ذلك الفلسفة. وقد ظهرت فيها مجموعة من الفلاسفة والمفكرين مثل طاليس وأنكسيمندر، الذين اتفقوا على أن أصل العالم مادي، دون ارتباطه بقوى خارقة.
المدرسة الفيثاغورية
تسمت هذه المدرسة باسم الفيلسوف الرياضي المعروف فيثاغورس، واعتبرت أن أصل العالم طبيعي، ولكن الفلاسفة فيها اعتمدوا على التفكير العقلي بدلاً من المادي، حيث استخدموا الرياضيات كمرجع أساسي لصياغة أفكارهم وتفسير الظواهر المرتبطة بالعالم.
المدرسة الإيلية
أتت هذه المدرسة بعد المدرسة الفيثاغورية، واهتم فلاسفتها، المعروفون بالإيليين، بدراسة أصل العالم من منظور فلسفي مبتكر يركز على الأخلاق. ومن أبرز الفلاسفة في هذه المرحلة كان إكسنوفان.
المدرسة الجوهرية
برز في هذه المرحلة الفيلسوف ديمقريطس، حيث اعتمدت الدراسات الفلسفية في هذه العصور على استنتاجات جديدة، مما أدى إلى تطور ملحوظ للفلسفة اليونانية، حيث اتخذت مساراً دراسياً جديداً واهتمت بفهم الإنسان بعيداً عن الفلسفة المادية التقليدية.