اختلافات بين الحياة في المدن والحياة في الأرياف

المدينة

لم يتوصل اللغويون وعلماء اللغة والمتخصصون إلى تعريف موحد لمفهوم المدينة. لكن بشكل عام، يمكن اعتبار المدن تَجمعات سكانية مستقرة ومنظمة بصورة كبيرة، حيث يقيم البشر فيها بشكل دائم. وعادةً ما تكون هذه المدن أكبر حجماً وأكثر كثافة سكانية وأهمية من القرى والبلدات.

تتعدد التعريفات القانونية للمدن؛ فهي تعتبر أحد الفئات الإدارية الأساسية في الدول. لذا، يتوجب على القوانين والتشريعات وضع أسس واضحة للتفريق بينها وبين القرى أو الأحياء. ومع ذلك، فإن هذه التشريعات تختلف من دولة لأخرى ولا يوجد توافق عالمي عليها. تعتبر المدن مراكز سكنية دائمة نسبياً، حيث تبقى قائمة لوقت طويل ولا يتركها السكان بسهولة، كما أنها تتميز بعادات اجتماعية وثقافية خاصة، وتلعب دوراً ثقافياً بارزاً بالنسبة لسكان الدولة.

الفروق بين المدينة والريف

المدينة

تختلف المدن عن غيرها من المناطق في أسلوب إدارتها، حيث تخضع معظم المدن في الدول الحديثة لأنظمة تشريعية خاصة تعطيها إدارة ذاتية مع محافظين يقومون بإدارتها. بعض الدول تحدد أن يكون هناك عدد معين من السكان في الميل المربع الواحد لتصنيف المنطقة كمدينة. وفقاً لبعض القوانين، يُعتمد إعلان رسمي لتسمية المدينة، بالإضافة إلى العوامل الأخرى مثل الكثافة السكانية والنشاطات الاقتصادية والثقافية المتنوعة.

رغم تلك التعريفات، يبقى التمييز بين المدن والمستوطنات الأصغر، مثل البلدات أو القرى الكبيرة، أمراً معقداً. في الوقت الحالي، تعتبر المدن مركزاً لثقافة خاصة ونمط حياة يُعرف بالتمدن، حيث يختار الكثيرون الحياة الحضرية بدلاً من الحياة الريفية البسيطة.

الريف

يدل مصطلح “الريف” على مناطق هادئة وبعيدة عن صخب المدن، حيث تنتشر المزارع الواسعة التي تضم تنوعاً من الحيوانات والنباتات. يختلف الريف عن الحضر بكونه يتميز بالمناظر الطبيعية الخلابة والكثافة السكانية المنخفضة.

كما هو الحال مع المدينة، توجد تعريفات أكاديمية وتشريعية مختلفة للريف بين الدول. يعتمد قسم الإحصاء السكاني في الولايات المتحدة على عدة عوامل لتحديد الفروق بين الريف والحاضرة، بما في ذلك الكثافة السكانية والتطور الحضري.

تعرف وكالات الإحصاء في الولايات المتحدة التجمعات البشرية على النحو التالي:

  • مدينة (بالإنجليزية: Urbanized Area): تُعد منطقة حضرية إذا كان عدد السكان 50,000 نسمة أو أكثر.
  • منطقة حضرية (بالإنجليزية: Urban Cluster): يُعتبر مكاناً حضرياً إذا كان عدد السكان بين 2,500 و50,000 نسمة.
  • بلدة/قرية ريفية (بالإنجليزية: Rural Area): تُعتبر ريفية إذا كان عدد السكان أقل من 2,500 نسمة.
  • ريف مفتوح (بالإنجليزية: Open Countryside): يُعتبر ريفياً في حال عدم وجود أي سكان تقريباً.

التمييز بين المدينة والريف

تهتم الحكومات بتفريق المدينة عن الريف لأغراض إدارية وقانونية، إذ يتوزع كل بلد إلى محافظات أو مناطق أصغر. يصبح من المهم التمييز بين المدينة وأحيائها لأغراض التنظيم، ولهذا التمييز قيمة في مجالات مختلفة، بما في ذلك توزيع الدوائر الانتخابية والإشراف الإداري.

على الرغم من أن المدينة والريف قد يتواجدان في نفس الدولة، إلا أن هناك فروقات نسبية بينهما تكون أحياناً صعبة التوضيح. تختلف التعريفات بين الدول بناءً على معايير معينة مثل السكان والمساحة والنشاط الاقتصادي والثقافي.

تشير الكثير من الأنظمة القانونية إلى أن المدينة تتفوق على الريف من حيث الحجم وكثافة السكان والتنمية الاقتصادية. فضلاً عن ذلك، تتميز الريف بهدوئه وقلة التلوث، وهو ما يجعله أقل ضغوطاً اجتماعية.

توصي الأمم المتحدة بتحديد عدد السكان كمعيار لتفريق بين المدينة والريف، حيث يُعتبر مكاناً حضرياً إذا كان عدد سكانه يزداد عن 20,000 نسمة. ومع ذلك، تتباين الآراء والتشريعات من بلد إلى آخر حول هذا الأمر.

تعد التعريفات التاريخية للمدن أيضاً متغيرة. ففي عام 1800، كان أقل من 3% من سكان العالم يعيشون في مدن وفقاً لتعريف الأمم المتحدة اليوم، مما يعني أن أي منطقة تسكنها عشرون ألف شخص كانت تُعتبر مدينة كبيرة في ذلك الوقت.

الهجرة من الريف إلى المدينة

يمكن أن تكون الهجرة من الريف إلى المدينة مؤقتة أو دائمة، وأحياناً تكون نتيجة لظروف اقتصادية صعبة. بدأت هذه الهجرات تتزايد بشكل كبير في الدول المتقدمة منذ القرن الثامن عشر. بينما تباطأت في بعض الأماكن، إلا أنها لا تزال مستمرة في الكثير من الدول النامية.

يميل العديد من الشباب في البلدان النامية إلى ترك قراهم والتوجه نحو المدن، لأسباب متنوعة تشمل الكوارث الطبيعية والفرص الاقتصادية المحدودة. يسعى البعض للحصول على التعليم العالي أو الفرص الإضافية، مما يعزز من حركة التمدن.

عادةً ما تؤدي هذه الهجرات إلى تحقيق فرص عمل أفضل، مما يحسن مستوى المعيشة للسكان، وخاصة بالنسبة للأقليات العرقية. وتشير استطلاعات إلى أن الكثير من المهاجرين يعتبرون حياتهم أفضل بعد الانتقال إلى المدن.

على الرغم من زيادة دخل المهاجرين، يتغير نمط حياتهم وثقافتهم بعد الانتقال. من الأسباب وراء هجرة سكان الريف هو النمو السكاني مقابل قلة الفرص الوظيفية، بالإضافة إلى ظهور الآلات التي تهدد المزيد من فرص العمل في المجتمعات الريفية.

Scroll to Top