دراسة حول مفهوم الاستقامة وأهميتها

استقصاء حول الاستقامة

تعريف الاستقامة

الاستقامة، من منظور لغوي، تُعتبر مصدرًا لفعل “استقام”، مما يدل على الاعتدال والوَفاء. الشيء الذي يُصنف على أنه مُستقيم هو ذلك الذي يتسم بالاستواء وعدم الاعوجاج. أما عن التعريف الشرعي، فقد حظيت الاستقامة بالكثير من التفاسير من قِبل العلماء، ومن بين تلك التعريفات ما ذكره أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- عندما سُئل عن الاستقامة، قائلاً: “هي أن لا تشرك بالله شيئاً”. تُعبر الاستقامة عن مفهوم شامل يتضمن معاني الخير المتعددة، مثل العبادة والبر، حيث تشمل استقامة الاعتقاد، القول، والفعل.

قال الله -عز وجل-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال سفيان الثقفي: (قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلًا لا أسْأَلُ عنْه أحَدًا بَعْدَكَ، فقال: قُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، ثم اسْتَقِمْ).

يمكن تلخيص جوهر الاستقامة في ثبات الإنسان على دينه دون تغيير مبادئه من أجل ضغوط اجتماعية أو أحداث طارئة. فمن المهم أن يظل الإنسان مؤمناً بقيمه السامية وأخلاقه العالية، متمسكا بعقيدته المتينة رغم التحديات المحيطة.

ارتباط الاستقامة بالإيمان

تتكون علاقة الاستقامة بالإيمان من تآزر وثيق، فلا يمكن لشخص أن يعيش في استقامة حقيقية دون إيمان راسخ. فالإيمان العميق يُساهم في تعزيز الاستقامة في الأقوال والأفعال، ويؤدي تضافرهم إلى تقوية ذاتية للفرد، بحيث يصبح قريبًا من نفسه ومراقبًا لله في كل سلوكياته.

صور قصور الاستقامة

تتجلى صور نقص الاستقامة في حياة العبد من خلال ما يلي:

  • تراجع مستوى الإيمان إلى درجات دنيا.
  • تشويه صورة الإسلام وتعاليمه، مما يفقدها جاذبيتها.
  • تراجع الشخص عن التوجهات السليمة والنكوص عن الطريق المستقيم.
  • ظهور نماذج بعيدة عن تعاليم الدين تدعي انتماءها له، وهي تفتقر إلى جوهره.

جوانب الاستقامة

تشمل الاستقامة مختلف جوانب حياة المسلم، ومن أبرز الجوانب التي ينبغي التركيز عليها:

  • الالتزام بالعقيدة الصحيحة: تُعَد العقيدة الأساس الذي يسعى الفرد لتثبيته، ويجب عليه عدم التنازل عنها بأي شكل. فالاستقامة على العقيدة تتطلب توافق القول والعمل مع التصديق، إذ لا يمكن الحديث عن استقامة بدون هذا التقارب. وتعمل العقيدة كدافع للأفعال التي ترضي الله.
  • اتباع السنة وترك البدع: الأساسية في الاستقامة لا تقتصر على مظاهر العبادة فقط، بل يجب أن تكون قائمة على تصور صحيح ينبع من القلب، مع اتباع السنة والاكتفاء بالعادات الصحيحة دون إفراط أو تفريط.
  • الاستقامة في السلوك: يجب أن تشمل الاستقامة أيضًا الأخلاق الحميدة والسلوك الطيب، حيث لا يُعتبر الشخص مستقيمًا إذا كان مُقصرًا في أداء العبادات، لذا ينبغي أن يكون الاستقامة شاملاً لكل ما أُمر به من عبادات. وعند التفكير في تزويج الابنة، ينبغي التساؤل عن استقامة الخاطب وسلوكه، وعدم الاكتفاء بنمط واحد دون الآخر.
Scroll to Top