تحقيق في شخصية ذو القرنين ودوره التاريخي في الحضارات القديمة

دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام- برسالة الإسلام الأبدية، حيث تعرض خلال مسيرته الدعوية للعديد من الأذى والمعارضة من كفار قريش. وقد كانت أخبار بعثة النبي قد وصلت إلى اليهود الذين كانوا يحملون التوراة، التي أنزلها الله وأعلنت عن قدومه. كانوا يتطلعون إلى أن يكون النبي المزمع منهم، ولكن الله تعالى أراد أن يكون بعثه من العرب، مما أثار استنكارهم ورفضهم للاعتراف بدعوته وإتباعها. بعد هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة المنورة، كان اليهود يتواصلون معه أحيانًا، وطرحوا عليه أسئلة، من بينها سؤال عن ذي القرنين، وقد نزلت الآيات الكريمة في سورة الكهف لتوضيح قصة هذا الرجل. فمن هو ذو القرنين؟

شخصية ذو القرنين

ذكر الله سبحانه وتعالى ذو القرنين، وأعطاه القوة ووسائلها؛ حيث كان رجلًا صالحًا عابدًا يهدف إلى إرضاء الله وتبليغ دعوته إلى الناس. وقد تمكن هذا الرجل من الوصول إلى كافة أركان الأرض، فحكم البلدان والعباد، حيث أحسن إلى المحسنين ومعاقبة المسيئين وفق شريعة الله سبحانه وتعالى.

زار ذو القرنين مغرب الأرض ومشرقها، والتقى في إحدى رحلاته بقوم طلبوا منه إنشاء سد يفصل بينهم وبين يأجوج ومأجوج، الذين بلغوا من الهمجية مبلغًا عظيمًا. بدأ ذو القرنين بإنشاء السد الضخم بين الجبلين، طالبًا منهم إحضار الحديد والنحاس لتقوية بناءه. وعندما أكمل ذو القرنين عمله، أصبح السد مانعًا لا يستطيع يأجوج ومأجوج اختراقه أو تسلقه، وظلوا منذ ذلك الحين يحاولون فتح ثغرة فيه دون جدوى.

وعندما يأتي وقت الله ووعده، سيريد الله أن يتحطم هذا السد ليمر من خلاله قوم يأجوج ومأجوج؛ حيث لا يمرون بماء إلا أنضبوه، ولا يشاهدون شجرة أو خضرة إلا أقحلوها وسببوها جفافًا، في حدث جسيم من أحداث الساعة الكبرى وعلاماتها، حين يُختبر إيمان القلوب وترتجف النفوس.

تناول المؤرخون شخصية ذو القرنين، فادعى بعضهم أنه الإسكندر المقدوني أو كورش الكبير، بينما الرأي الصحيح هو أن هؤلاء لم يكونوا مؤمنين، بل كانوا ضالين. إذ أن الإسكندر المقدوني كان يونانيًا بينما ذو القرنين عربي مؤمن. ومعظم الآراء المتفق عليها تشير إلى أنه واحد من ملوك حمير، حيث كانت كلمة “ذو” تستخدم في أسمائهم أحيانًا. والمشهور عنه أنه كان ملكًا عادلاً وصالحًا.

Scroll to Top