حديث “اغتنم خمسا قبل خمس” هو من الأحاديث النبوية الشريفة التي تقدّم نصائح قيمة تساعد الإنسان في تجنب فتن الحياة.
يتضمن الحديث خمس نصائح لكلٍّ منها دلالة واضحة على أن الحياة الدنيا لا تستمر طويلًا، مما يستدعي الإكثار من الطاعات. في السطور التالية، سنستعرض معنى الحديث ونفصل النصائح التي يحتوي عليها.
حديث “اغتنم خمسا قبل خمس”
- نُقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تتناول مختلف جوانب الحياة، وفي هذا الحديث يُسلط الضوء على أهم خمس أمور يهتم بها الإنسان في الدنيا،
- حيث قال: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.”
فيما يلي نستعرض ملخصًا للحديث:
- الشباب: هي المرحلة المُتألقة في حياة الإنسان، حيث يُمكنه أداء الكثير من الأعمال.
- الصحة: تُعَدُّ من أعظم النعم التي يمنحها الله للإنسان.
- الغنى: المال والشريحة المالية الثابتة من النعم التي قد يغفل البعض عنها لحظتها.
- وقت الفراغ: حالة من عدم وجود المسؤوليات.
- الحياة: بشكل عام، بما يشمل كافة وسائل الراحة والسعادة وعدم التفكير في الموت.
شرح ألفاظ الحديث
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”، وفيما يلي تفسير لكل جزء من الحديث:
شبابك قبل هرمك
- الشباب هو زمن القوة والقدرة على العبادة، ويدعو الحديث إلى استغلال هذه الفترة لأداء الطاعات قبل الوصول إلى سن الشيخوخة،
- حيث يصبح الإنسان أقل قدرة على القيام بالعبادات الكاملة.
صحتك قبل سقمك
- يشير الحديث إلى أن المرض قد يمنع الإنسان من أداء الفرائض كما ينبغي،
- لذا يجب استغلال الصحة في التقرب إلى الله وأداء العبادات قبل فقدان هذه النعمة.
- من يعمل الخير أثناء صحته، يُكتب له أجر كامل في حالة مرضه.
غناك قبل فقرك
- تُظهر أهمية المال في أداء العبادات المختلفة كـالصدقة والزكاة والحج،
- لذا يُنصح باستغلال الأوقات التي يملك فيها المال لأداء المزيد من الطاعات.
- ويأتي وقت الفقر، سواء في الحياة أو بعد الموت، وعندها قد يصعب القيام بأعمال الخير.
فراغك قبل شغلك
- وقت الفراغ يُعتبر فرصة للحصول على الأجر والثواب،
- فالوقت هو نعمة من الله بحاجة للاستغلال قبل أن ينشغل الإنسان بالاهتمامات الأخرى وبلقاء الآخرة.
- يجب أن يُملأ وقت الفراغ بالطاعات والعمل المستمر لتحقيق مكاسب الدنيا والآخرة.
حياتك قبل موتك
- هذا يعني استغلال الحياة بكافة مراحلها وظروفها الصحية والمالية لأداء أكبر قدر ممكن من العبادات،
- فالأعمال تنقطع بعد الموت، لذا يحتاج الإنسان إلى أجر كل عمل خير فعله.
معنى “اغتنم خمسا قبل خمس”
سيسأل المرء يوم القيامة عن عمره كيف قضاه، وما الذي استفاد منه في طاعاته،
لذا جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص خمس أمور هامة يجب الانتباه إليها.
يبدأ الحديث بكلمة “اغتنم” التي تأتي من “الغنيمة”، أي المكاسب التي تُحصل في الحروب.
وهذا تشبيه للحياة ودور الطاعات كالغنائم التي يجنيها الإنسان في نهاية حياته، ويتفكر في ذلك عند اقتراب المنية واستعداده للآخرة.
يُعبر الحديث عن أهمية استغلال فترات القوة لتجميع الحسنات لفترات الضعف التي قد يواجهها الإنسان.
وصايا النبي لاستغلال الفرص
يتضمن حديث “اغتنم خمسا قبل خمس” خمس وصايا يقدمها النبي محمد صلى الله عليه وسلم للأمة، تَنطوي على نصائح مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار:
- مرحلة الشباب تعتبر أهم مرحلة في حياة الإنسان، حيث يمكنه بناء أسرة وتجميع المال،
- لكن عليه أن يقوم أيضًا بالواجبات الدينية قبل أن يتحول لشخص مسن لا يستطيع القيام بذلك.
- الصحة، هي نعمة من الله، تجعل الحياة أسهل،
- يجب الاستفادة منها قبل الإصابة بالمرض.
- المال من الفرص المتاحة للإنسان، ويجب استغلاله في الأعمال الخيرية والدفاع عن الحق.
- يجب الحفاظ على الوقت وعدم إهداره بلا فائدة،
- فالكثير من الناس يتندمون على الوقت الضائع دون إنجاز شيء نافع.
راوي الحديث
كثير من الأحاديث النبوية نقلت عن الصحابة والتابعين،
ومن بينهم ابن عباس رضي الله عنه، الذي عاش فترة مع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت خالته ميمونة هي زوجته.
روى ابن عباس العديد من الأحاديث التي سمعها مباشرة من النبي، وبعضها درستها بعد وفاته عن الصحابة الآخرين. عُرف بسرعته في الحفظ والفطنة.
كما أنه كان يُدوّن الأحاديث وينقلها لأبنائه، وكان ذا علم واسع.
تطبيق الحديث في الحياة اليومية
إن الالتزام بتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيق سنته في الحياة يمنح الإنسان سعادة ورضا. أشار الحديث إلى خمس أمور يجب استغلالها قبل التعرض لخمس أمور أخرى، وهي:
- الاستفادة من نعمة الشباب والفرصة المتاحة لتحقيق أهداف الحياة مثل التعليم والزواج،
- والعمل لكسب المال، مما يسهم في حياة سعيدة وبناء أسرة.
- استغلال نعمة الصحة في العمل وكسب المال للمساعدة في بناء حياة أفضل،
- فإن المال يعد من أهم مقومات الحياة ويتيح للفرد أداء العبادات.
- استغلال أوقات الفراغ في تطوير الذات والدراسة والعلم، مما يعود بالنفع شخصيًا ومجتمعيًا،
- فمن غير المقبول إضاعة الوقت دون فائدة.
أحاديث تجسد معنى الحديث
إنّ التفريط في الفرص يؤثر سلبًا على حياة الفرد، لذا يجب تحديد الأهداف ومعرفة ما يريده الإنسان. ورد عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تحاكي المعنى ذاته، ومنها:
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”،
- أي أن كثيرًا من الناس لا تُقدِّر هاتين النعمتين. وغالبًا ما يكتشفون ذلك فقط عند اقترابهم من الآخرة.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه”.
- وهذا يوضح أهمية الوقت والمال والصحة.
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير”.
- هذا يُشدد على أهمية الحفاظ على الصحة، فهي من النعم الكبرى التي قد تغفل عنها الإنسان حتى يعاني من المرض.
- لذا، يجب على المرء القيام بالأعمال الصالحة أثناء صحته لتكون شفيعة له عند مرضه ووفاته.
أقوال السلف عن هذا الحديث
غنيم بن قيس:
- كنا نتبادل النصائح في أوائل الإسلام فنقول: “ابن آدم، اغتنم وقت فراغك قبل أن ينشغلك العمل، واغتنم شبابك قبل أن يأتي عليك الكبر، وصحتك قبل أن يطرأ عليك المرض، ودنياك قبل أن تفارقها، وحياتك قبل أن يأتي الموت.”
الغزالي:
- “الدنيا محطة من محطات السائرين إلى الله، والجسد هو وسيلة السفر. من يغفل عن تنظيم أموره في الدنيا لن يتمكن من تحقيق الانقطاع لله.”
بكر المزني:
- “كل يوم يُخرجه الله إلى الدنيا ينادي: ‘ابن آدم، اغتنم هذا اليوم، فقد لا تجد يومًا آخر بعده.’ وكل ليلة تنادي: ‘ابن آدم، اغتنم هذه الليلة، فقد لا تجد ليلة أخرى بعدها.’