ما هو الموشح؟
تعود جذور كلمة “موشح” إلى مفهوم “التزيين”، مثل الوشاح الذي تتزين به المرأة. وقد استُخدمت هذه التسمية للدلالة على الموشح؛ حيث إن أقفاله وأبياته تشبه الوشاح من حيث الشكل. أما التعريف الاصطلاحي للموشح، فهو نص شعري مُنظم وفق وزن محدد، وعادةً ما يتكون من ستة أقفال وخمسة أبيات، مما يُعرف بالموشح التام. وفي أقل الأحوال، يتكون من خمسة أقفال وخمسة أبيات، ويُعرف بالموشح الأقرع، حيث يبدأ التام بالأقفال، بينما الأقرع يبدأ بالأبيات.
نشأة الموشحات الأندلسية
في عصر الولاة، كان الشعر يتسم بالطابع التقليدي، مشابهًا للنظم الشعرية السائدة في تلك الفترة. ومع استمرار الإمارة، حافظ الشعر على تقاليده، إلا أن بعض مظاهر التجديد طرأت، مثل شعر الأراجيز. خلال فترة الخلافة الأموية في الأندلس، برز التجديد في الأدب بكل أشكاله، مدفوعًا بدعم الخلفاء والوزراء للأدباء والشعراء.
تنوعت الأشكال الشعرية التي أبدعها الأدباء الأندلسيون، حيث شملت الأراجيز والزهريات ورثاء المدن. وبعد أن أصبح الأندلسيون أكثر تعلقًا بوطنهم، شهد الشعر تطورًا ملحوظًا حيث تم ابتكار أوزان موسيقية جديدة، وانتشرت الأغاني، بالإضافة إلى استخدام الألفاظ العامية في القصائد.
هذا التطور شامل أيضًا فن الموشحات، حيث قام شعراء الموشحات بإدخال الألفاظ العامية والأعجمية، مع ابتكار أوزان جديدة. كما أن أسماء عدة نسبت إليها ريادة هذا الفن، لكن الرأي الأكثر قبولًا هو أن “محمد بن محمود القُبري” هو أول وشاح معروف في الأندلس.
مكونات الموشحات
يمتاز فن الموشحات بخروجه عن الأسلوب التقليدي للقصائد المنظومة التي تتكون من البيت والذي ينقسم إلى عجز وصدر. تتألف الموشحة من الأجزاء التالية:
- المطلع: وهو القفل الأول الذي يتكون عادةً من شطرين أو أربعة.
- الدور: يتكون من مجموعة من الأبيات تأتي بعد المطلع، ولا ينبغي أن يقل عددها عن ثلاثة، مع إمكانية الزيادة بشرط أن تتكرر في بقية الموشح.
- السّمط: يُطلق على كل شطر من أشطر الدور.
- القفل: يتكون من أجزاء يلزم أن تتطابق في الوزن والقوافي مع باقي الأقفال، حيث يتكون الحد الأدنى للقفل من جزأين.
- البيت: يختلف عن بيت القصيدة، ويتكون من أجزاء مركبة أو مفردة يجب أن تتناسب في الوزن مع بقية أبيات الموشح.
- الغصن: يشير إلى أشطر المطلع أو القفل أو الخرجة، ويجب أن تتساوى الأغصان في العدد والترتيب والقوافي.
- الخرجة: هو القفل الأخير في الموشحة وغالبًا ما تكون ألفاظها أعجمية.
أغراض الموشحات الأندلسية
تتراوح أغراض الموشحات الأندلسية بين عدة مواضيع، تشمل:
- الغزل: ومن الأمثلة على ذلك مطلع موشحة:
- الوصف: يعتبر عنصرًا أساسيًا في الموشحة، ومثال على ذلك موشحة الكميت:
- الرثاء: ومن الأمثلة عليه:
مَــــن ولــــي
في أمةٍ أمرًا ولم يعدل
يُــــعــــزل
إلا لحاظ الرشا الأكحل
لاح للروضِ على غُرّ البِطاح
زَهرٌ زاهرُ
وثنا جيداً فنِعمَ الأقاحْ
نَورُه الناظرُ
زارني منه على وجه الصَّباح
أرجٌ عاطرُ
ماءُ المدامع صابْ
عليكَ أولى أنْ يجودْ
شعراء الموشحات في الأندلس
هناك العديد من الأسماء الشهيرة لكتّاب الموشحات الأندلسية، ومن أبرزهم:
- ابن عمار: أبو بكر بن محمد، يُعرف بالمهدوي الأندلسي الشلبي.
- ابن زيدون: أحمد بن عبد الله، وزير وشاعر وكاتب، معروفة أعماله برسالتين: الهزلية والجديّة.
- ابن اللبانة: محمد بن عيسى بن محمد أبو بكر اللخمي، شاعر المعتمد بن عباد.
- ابن الزقاق: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عطية.
- ابن هانئ: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مفضل الأزدي الأندلسي.
هناك أيضًا أسماء أخرى مثل ابن رافع (أبو بكر محمد)، الأعمى التطيلي، ابن ميمون القلعي وغيرهم الكثير.
مصادر دراسة الموشحات
يمكن تصنيف مصادر دراسة الموشحات إلى مصادر شرقية ومصادر مغربية كما يلي:
المصادر الشرقية
- المستطرف من كل فن مستظرف للأبشيهي.
- الدر المكنون في السبع فنون لابن إياس.
- معجم الأدباء لياقوت الحموي.
- دار الطراز لابن سناء الملك.
المصادر المغربية
- نفح الطيب للمقرّي.
- جيش التوشيح للسان الدين الخطيب.
- المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية.