قضاء رمضان بسبب الإفطار بعذر
كيفية القضاء ووقت الوجوب
إذا قام المسلم بإفطار خلال شهر رمضان بسبب عذرٍ طارئ، كمرضٍ، سفرٍ، حيضٍ، أو أسباب أخرى، فإنه يجب عليه قضاء الأيام التي أفطر فيها بعد انتهاء الشهر. ولا يُشترط التتابع في حالة الإفطار لأكثر من يوم، كما لا يُعتبر التأخير مرفوضاً، لكن يُفضل ويسنّ لمن أفطر أن يعجل في قضاء الأيام المفقودة. كما أن التتابع في القضاء مستحب، لكنه غير لازم. يتعين على كل مسلم أفطر في رمضان أن يقضي جميع الأيام المفقودة قبل حلول رمضان التالي. إذا توفي الشخص قبل قضاء الأيام، فلا يُعتبر عاصياً لأن قضاء ما فاته من رمضان ليس واجباً على الفور.
الأعذار المبيحة للإفطار في رمضان
توجد عدة أعذار تُبرر الإفطار في شهر رمضان، ومنها:
- المرض
إذا أصيب المسلم بمرض في رمضان وكان خائفاً من الهلاك أو تعرضه لمشقة شديدة، فإنه يجب عليه الإفطار، ويُحرم عليه الاستمرار في الصيام، كما يتضح في قوله -تعالى-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). وإذا كان يشعر أن المرض قد يزداد أو يتأخر شفاؤه، يجوز له الإفطار.
- الحمل والرضاعة
إذا كانت الحامل أو المرضع خائفتين على حياتهما أو صحتهما، فإنه يجب عليهما الإفطار. أما إن كان الخوف يتعلق بأطفالهما فقط، فيحق لهما الإفطار مع قضاء الأيام لاحقًا مع دفع الفدية.
- الجوع والعطش الشديد
إذا اتجه الصائم نحو الجوع أو العطش الشديدين اللذين قد يؤديان به إلى الهلاك، يجوز له الإفطار، ويجب عليه قضاء الأيام لاحقًا.
- الهرم
يمكن للمسن الذي لا يقوى على الصيام أن يفطر، ويتوجب عليه دفع فدية تتمثل في إطعام مسكين عن كل يوم.
- السفر
يسمح للسفر في رمضان بالإفطار، ولكن يُفضل الصيام ما لم يوجد مشقة. وإذا كان هناك شعور بالخطر نتيجة السفر، يجب عليه الإفطار، بشرط أن يكون سفره مشروعًا، وأن ينوي الإفطار قبل الفجر، ثم يتعين عليه القضاء دون دفع فدية، استنادًا إلى قوله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
الأمور المترتبة على تأخير القضاء حتى دخول رمضان
إذا أخّر المسلم قضاء ما فاته إلى ما بعد رمضان الثاني بعذرٍ مقبول، يجب عليه قضاء تلك الأيام بعد الشهر الثاني، ولا تجب عليه الكفارة. أما إذا كان التأخير بدون عذر، فإنه يتعين عليه قضاء الأيام المفقودة ودفع كفارة تتمثل في إطعام مسكين عن كل يوم أفطره خلال رمضان.
قضاء رمضان بسبب الإفطار بغير عذر
القضاء بسبب الإفطار بالجماع في نهار رمضان
عند إفطار الصائم بالجماع في نهار رمضان، تتباين التبعات حسب إن كان الفعل عن عمد أو نسيان. إذا حصل الإفطار بالجماع ناسيًا، فقد تعددت آراء الفقهاء، كالتالي:
- الرأي الأول: لا قضاء ولا كفارة على المفطر، وهو قول الشافعي وأبو حنيفة.
- الرأي الثاني: المفطر بالجماع يجب عليه القضاء دون كفارة، وهو قول مالك.
- الرأي الثالث: تُوجب الكفارة والقضاء، وهو الرأي المشهور عند أحمد.
أما من أقدم على الجماع عمدًا في نهار رمضان، فإنه يتوجب عليه الكفارة، والتي تتمثل في عتق رقبة، وإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع، فيجب عليه إطعام ستين مسكينًا عن كل يوم أفطر فيه بالجماع.
القضاء بسبب الأكل والشرب عمدًا
إذا تناول الصائم الطعام أو الشراب عمدًا خلال نهار رمضان، ينقض صومه ويجب عليه القضاء. أما إذا كان الإفطار عن نسيان، فيستطيع استكمال صيامه دون قضاء. وإذا أكل أو شرب أو جامع اعتقادًا منه أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع بعد، اجتمع الفقهاء على قولين:
- الرأي الأول: عليه القضاء، وهو رأي جمهور العلماء، بما في ذلك الأئمة الأربعة.
- الرأي الثاني: لا قضاء عليه، وهو رأي إسحاق، ورواية عن أحمد وداود وابن حزم.
تعددت آراء الفقهاء في وجوب الكفارة لمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان كما يلي:
- الرأي الأول: عليه القضاء فقط، وهو قول الحنفية.
- الرأي الثاني: يلزمه القضاء والكفارة، وهو رأي الحسن والأوزاعي ومالك وعطاء وآخرون.