هيلين كيلر
وُلِدت هيلين كيلر في مُقاطَعة توسكومبيا بولاية ألاباما الأمريكية في السابع والعشرين من يونيو عام 1880. تنتمي هيلين لعائلة من أصول رفيعة في نيو إنجلاند، حيث كان والدها العقيد آرثر كيلر، الذي شغل منصباً في الجيش الكونفدرالي، بينما كانت والدتها كيت آدامز. تجدر الإشارة إلى أن فترة ولادتها تزامنت مع اندلاع الحرب الأهلية التي أثرت سلباً على عائلتها، مما أدى إلى فقدانهم للموارد المالية واضطرارهم للعيش في ظروف بسيطة. في عام 1885، أسس والدها صحيفة محلية في شمال ألاباما، وتمت ترقيته لاحقاً إلى منصب جنرال في تلك المنطقة.
كانت هيلين كيلر في البداية طفلة سليمة ومعافاة، ولكنها تعرضت لمرض غير معروف عندما كانت في 19 شهراً من عمرها، مما أدى إلى فقدانها للسمع والبصر. ويُعتقد أن المرض الذي أصابها كان الحمى القرمزية أو الحصبة الألمانية، مما جعلها تنمو لتصبح طفلة صعبة المراس وعنيفة.
حياة هيلين كيلر وتعليمها
في سن السادسة، قام ألكسندر غراهام بيل بفحص هيلين واهتم بإرسال معلمة خاصة تُدعى آن سوليفان من معهد بيركنز للمكفوفين في بوسطن، حيث بدأت آن العمل مع هيلين في مارس عام 1887 واستمرت حتى وفاتها في أكتوبر عام 1936. كانت آن سوليفان ابنة لمهاجرين فقيرين من أيرلندا وتعاني من مشاكل في الرؤية، لكنها أخضعت نفسها لعدة عمليات لتستعيد جزءاً من بصرها. على الرغم من أن آن تكبر هيلين بأربعة عشر عاماً فقط، إلا أنها استطاعت تحقيق نجاحات مذهلة في تعليم هيلين، حيث بدأت بتعليمها الانضباط والأدب، ثم انتقلت للعيش معها في منزل ريفي لمدة أسبوعين. هناك، تعلّمت هيلين المهارات الحركية الأساسية، ثم بدأت في تعلم تهجئة الحروف وتشكيلها بشكل صحيح، وقد أظهرت استجابة سريعة في تعلم العديد من الكلمات بهذه الطريقة.
في عام 1890، التحقت هيلين كيلر بمدرسة هوراس لدرس التخاطب لذوي الصمم، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة للصم تُعرف باسم (رايت هوماسون) في مدينة نيويورك، حيث تعلمت مهارات التواصل بصورة أفضل ودرست المواد الأكاديمية. في عام 1896، عزمت هيلين على الالتحاق بالجامعة، وانضمت إلى مدرسة كامبريدج الإعدادية الخاصة بالفتيات. ومع مرور الزمن، أصبحت قصة هيلين معروفة على نطاق واسع، مما أتاح لها التعرف على شخصيات مشهورة مثل الكاتب مارك توين، الذي قدمها لمؤلف آخر يدعى هنري روجر، أحد موظفي شركة ستاندرد أويل، والذي ساعدها في الالتحاق بكلية رادكليف وقام بدفع نفقات دراستها. كان لآن سوليفان دور كبير في مساعدتها من خلال شرح النصوص والمحاضرات.
عمل هيلين كيلر
أكملت هيلين كيلر دراستها وتخرجت من كلية رادكليف عام 1904. بعد ذلك، انضمت للحزب الاشتراكي وكتبت العديد من المقالات التي تناولت القضايا الاجتماعية، بما في ذلك حقوق المرأة وحقها في التصويت وتنظيم الأسرة. كما ساهمت في تأسيس مؤسسة مخصصة لمكافحة سوء التغذية، وأضرار فقدان البصر، والتي تم تسميتها (هيلين كيلر إنترناشيونال). ويُذكر أن ارتباطها بالحزب الاشتراكي قد يكون ناتجاً عن صداقتها مع الناقد الاشتراكي البارز جون ميسي، زوج معلمتها آن سوليفان، الذي يعمل في جامعة هارفارد.
في عام 1932، فقدت آن سوليفان نظرها تماماً، مما دفع هيلين لتوظيف سكرتيرة تدعى (بولي تومبسون) للعمل معها ومع آن. توفيت آن عام 1936 بعد فقدان نظرها بشكل كامل. بعد ذلك، بين عامي 1946 و1957، شغلت هيلين منصب مستشارة العلاقات الدولية في إحدى المؤسسات الخاصة بالمكفوفين. قامت برحلة طويلة إلى قارة آسيا استغرقت خمسة أشهر وقطعت خلالها مسافة حوالي أربعين ألف ميل، حيث ألقت العديد من الخطب التي ألهمت الكثيرين. وتجدر الإشارة إلى أن حياة هيلين كيلر تم تناولها في عدة أعمال درامية، بما في ذلك العمل المسرحي (The Miracle Worker) الذي عُرض في برودواي عام 1959.
وفاة هيلين كيلر
عانت هيلين كيلر من سكتة دماغية في عام 1960. ومنذ عام 1961، عاشت في منزلها في ويستبورت بولاية كونيتيكت، حيث كان ظهورها الأخير في تلك السنة خلال اجتماع لمؤسسة واشنطن الدولية، حيث تم تكريمها بجائزة الإنسانية من الليونز بسبب مساهمتها في المبادرات الخاصة بالمكفوفين. في تلك الفترة، قابلت هيلين الرئيس الأمريكي جون كينيدي، ولم يكن هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي التقت به هيلين في حياتها.
توفيت هيلين كيلر في الأول من يونيو عام 1968، عن عمر يناهز الثامنة والثمانين. تم حرق جثتها ووُضع رمادها في كنيسة القديس جوزيف بكاتدرائية واشنطن، جنباً إلى جنب مع رماد رفيقتي دربها: بولي تومبسون وآآن سوليفان.