دراسة حول موضوع الرضاع في الفقه الإسلامي

أحكام الرضاع في الفقه الإسلامي

تتضمن أحكام الرضاع مجموعة من النقاط المهمة، نذكر منها ما يلي:

ما يُحرم من الرضاع

وضّح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن كل ما يحرمه النسب يُحرم كذلك بالرضاعة، حيث قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ). وبذلك أصبح زوج المرضعة يُعتبر أبا للمرتضع، وإخوته وأخواته يُعدّون أعماماً وعماً للمرتضع. كما أن إخوة وأخوات المرضعة يصبحون أخوالاً وخالات للمرتضع، وأبناء المرضعة وبناتها يُعتبرون إخوة وأخوات للمرتضع. من ناحية أخرى، يحرم أبناء المرتضع على أجداد وجدات وإخوة وأخوات وخالات وأعمام وعمات المرتضع. وقد اتفق العلماء على هذه الأحكام بشكل عام.

شروط الرضاع المحرّم

لا يُعتبر الرضاع موجباً للتحريم إلا وفقاً لشروط معيّنة، ومنها:

  • أن يكون الرضاع بواسطة اللبن فقط، إذ لا يُعتبر التحريم فيما إذا كانت المادة المقدمة ماءً أو دماً أو قيحاً.
  • أن يكون اللبن من آدمية، وبالتالي فإن لبن الحيوانات الأخرى مثل لبن الشاة لا يُثبت التحريم.
  • أن يقع الرضاع في سنّ مبكرة، حيث يُشير العلماء إلى أن الرضاع لا يُحرم إلا في غضون سنتين من عمر المرتضع.
  • أن تتجاوز عدد الرضعات الحد الشرعي الذي يعتمد عليه في التحريم، وفي ذلك يختلف العلماء كما يلي:
    • الحنفية والمالكية: أفادوا بأن التحريم يُثبت بقليل الرضاع وكثيره، استناداً إلى قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ).
    • الشافعية والحنابلة: أكدوا أن التحريم لا يُعتبر إلا بعد خمس رضعات أو أكثر بناءً على ما رواه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- حيث قالت: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ امرأةَ أبي حُذَيْفةَ فأرْضَعَتْ سالِمًا خَمسَ رَضَعاتٍ، فكان يَدخُلُ عليها بتلك الرَّضاعةِ).

أثر الرضاع

عندما يتم الرضاع وفق الشروط الشرعية الصحيحة، يتحقق التحريم كما هو الحال في النسب. وقد تم الإشارة سابقاً إلى أن الرضاع يُحرم ما يُحرم من النسب وفقاً لقولة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ). ولكن يجب التنويه إلى أن هذا التحريم يتعلق فقط بالزواج، والخلوة، واللمس، وجواز النظر. وبالنسبة للنفقة، والعتق، ورد الشهادة، وسقوط القود في حالات القتل، فإن هذه الأحكام لا تُثبت بالرضاع، لأن النسب يُعتبر أقوى من الرضاع، بحيث لا يُقارن الرضاع بالنسب في كل الأحكام، إنما بحسب الأحكام التي أثبتتها النصوص الشرعية فقط.

Scroll to Top