ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك مكتوبة
تتكون سورة الشرح من ثمان آيات، حيث يقول الله تعالى:
- “أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾
- فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب ﴿٨﴾”.
لا تفوت قراءة مقالنا حول:
أسماء سورة الشرح
- تحمل سورة الشرح عدة أسماء، حيث يشير علماء التفسير إلى أنها تُعرف عادة بسورة ألم نشرح.
- بعض العلماء يشيرون إليها باسم سورة الشرح كما هو مكتوب في المصاحف، وهناك من يُطلق عليها أيضًا اسم سورة الانشراح.
سبب نزول سورة الشرح
- وفقًا لكتاب لباب النقول في أسباب النزول للإمام السيوطي رحمه الله، فإن سبب نزول سورة الشرح هو التعريض بالفقر.
- لقد كان المشركون يعيّرون المسلمين بفقرهم، مما استدعى الله سبحانه وتعالى لنزول هذه السورة لتسلية المؤمنين وتأنيب الكافرين.
- تعد الآية الخامسة بما في ذلك الآية التي تليها هي الأبرز في تسليتهم، حيث يقول الله تعالى: ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”.
- يقدم الله بهذا بشارة عظيمة بأن العسر واحد، ولكن اليسر ينقسم إلى يسرين، ولن يُغلب عسر يسرين بإذن الله.
- تنطوي هذه البشرى أيضًا على إشارات بانتصارهم على الكافرين وتمكينهم في الأرض.
تفسير “ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك”
- تذكّر الله عز وجل نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بالنعم العظيمة التي أنعم بها عليه، وحثه على شكرها.
- في قوله الكريم ” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ” يشير إلى نعمة كبيرة جداً وهي فتح قلبه لتقبل الهدى والإيمان.
- ويُعد هذا الإيمان من أفضل النعم التي يمنحها الله لعباده، فهي السبب في سعادته في الدارين.
- ثم يقول “وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ” أي أنه سبحانه غفر له ما تقدم من ذنوبه وما تأخر، وهذه من أجل النعم.
- جاء في قوله “الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ” إشارة إلى أن تلك الذنوب كانت تؤلمه وتثقله.
- بينما تعني عبارة “وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ” تذكيرًا للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه سبحانه قد رفع ذكره وجعله مقرونًا بذكر الله.
- حيث إنه في الشهادتين يُذكر دائماً “لا إله إلا الله” مع “محمد رسول الله”.
- ثم تستمر الآيات بالقول “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”، مما يعني أن العسر الذي يواجهه النبي والمجاهدون سيعقبه يسراً.
- يتعلق هذا اليسر بتمكين أهل الإسلام من الكثير من البلاد وخسائر الكافرين في الدنيا والآخرة.
- بعد ذلك، يقول الله تعالى “فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ” أي عند انتهاء الصلاة، عليك بالدعاء وطلب الحاجات من الله.
- لقد أكد الله سبحانه على ضرورة الدعاء بقوله “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” (غافر: 60).
- ثم يُشدِّد سبحانه على أن “وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب” مما يعكس أهمية الدعاء وخضوع العبد بين يدي ربه.
اقرأ أكثر حول:
فوائد سورة الشرح
تشمل فوائد سورة الشرح ما يلي:
أولًا
- هناك العديد من الفوائد التي يمكن استنتاجها من سورة الشرح، أولها أن انشراح الصدر هو نعمة من الله.
- فهو شعور قلبي ممنوح لأولياء الله الصابرين، مما يساعدهم على الاستسلام التام لله.
- أنهم يعتبرون كل من السراء والضراء خير، ويتذكرون قول النبي صلى الله عليه وسلم “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ”.
- أيضاً، يوضح أن الذنوب تُثقل القلب، ولا يمكن التخلص منها إلا بالتوبة.
- فأيضاً نرى أن الذين يمارسون الكبائر، رغم ما يظهرونه من تمتع، يشعرون بضغط وثقل يعانون منه.
- تظهر الإحصائيات أن معدلات الانتحار الأعلى توجد بين الكافرين بسبب نقص معنوي، مما يعكس ضعف إيمانهم.
- إذا جرب هؤلاء إنارة الإيمان، ستتجدد أرواحهم، وسينعمون رغم معاناتهم الجسدية.
ثانيًا
- ضرورة الذكر والثناء الحسن بين الناس، خاصة بين المؤمنين، يعتبر أساسيًا، والدعاة في أمس الحاجة لذلك.
- فكما دعا سيدنا إبراهيم عليه السلام بالقول “وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ” (الشعراء: 84).
- كَما أوضح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذه الأهمية من خلال قصة أثنوا فيها على جنازة.
- فقال: “وجبت” بالنسبة لمن حُسن الثناء عليه، بينما بالنسبة لأولئك الذين ذُمّوا، قال “وجبت” أيضاً، مؤكداً أنتم شهداء الله في الأرض.
- كذلك، يجب على المسلم تنظيم أولوياته وأفعاله، وخاصة أهل الإيمان الذين يجب أن يستفيدوا من أوقاتهم.
- كما يجب التأكيد على أهمية اللجوء إلى الله في كل الأمور، حيث أن الإنسان ضعيف بدون عون ربه.
الإعجاز البياني في “ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك”
- يُعد الإعجاز البياني من أبرز صور الإعجاز في القرآن الكريم، خاصة في سورة الشرح.
- هذا النظام داخل السورة يجعل القارئ يشعر بشعورين مزدوجين عند قراءتها.
- أحد هذه المشاعر هو الشعور بالعظمة تجاه الله الذي يُعزي نبيه بكلام هادئ ومؤثر.
- والشعور الآخر هو الرحيم والودود تجاه نبينا الذي تحمل معاناةً عظيمة لنشر رسالة الله.
- إذ كانت معاناته شديدة بما يتطلب عبارات العزاء، لذا أنزل الله السورة لتسليته.