المد العارض: ظاهرة لغوية في الكتابة العربية

المد العارض

تعد تلاوة القرآن الكريم واحدة من أسمى العبادات التي أمر بها الله ورسوله. ينبغي على القارئ أن يؤدي التلاوة بإتقان كما قرأها النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بين أحكام التجويد الهامة هو المد. المد هو نوعان: المد الطبيعي والمد الفرعي. ويكون المد الفرعي نتيجة لوجود إما همز أو سكون. أما المد العارض، فينجم عن حدوث سكون عارض، لذا يُعرف بالمد العارض للسكون.

المد العارض للسكون يمكن تعريفه بأنه يحدث عندما يتبع حرف المد حرف متحرك في نهاية الكلمة ثم يصبح هذا الحرف ساكناً بسبب الوقف. ذلك الوقف يطرأ على الكلمة التي تحتوي على المد، بغض النظر عن الحرف الأخير سواء كان همزة أو غير ذلك.

أسباب تسميته بالعارض للسكون

تمت تسمية هذا المد بـ “المد العارض للسكون” وذلك لأن السكون الذي طرأ على القارئ نتج عن وقفته على الكلمة التي تحتوي على المد. يمكن أن يكون السكون أصلياً ويظل موجوداً سواء ارتبط القارئ بهذه الكلمة التي تنتهي بسكون أصلي بما بعدها أو وقف عليها، حيث يظل السكون موجوداً في كلتا الحالتين.

يمكن أن يكون السكون عارضاً، بمعنى أن الحرف الأخير من الكلمة يكون متحركاً لكنه يصبح ساكناً نتيجة للوقف. وهنا يُطلق عليه سكون عارض، حيث أن العرب يبدؤون الكلام بحرف متحرك وينتهون على حرف ساكن.

أمثلة المد العارض للسكون

توجد العديد من الأمثلة على هذا المد في القرآن الكريم بحيث لا تخلو آية منه. من بين هذه الأمثلة:

  • قوله -تعالى-: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، حيث يتواجد المد العارض للسكون بعد كلمة “الدين” في حرف الياء. وإذا لم يقف القارئ على هذه الكلمة ووصلها بما بعدها، انتفى المد العارض للسكون.
  • قوله -تعالى-: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، ففي الوقف على كلمة “ينفقون” يظهر المد العارض للسكون في حرف الواو. وإن لم يقف القارئ عليها، فسوف يتلاشى المد العارض للسكون.
  • قوله -تعالى-: (لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، حيث يوضح الوقف على كلمة “الأنهار” المد العارض للسكون في حرف الألف. وعند الوصل بما بعدها، لن يتواجد المد العارض.
  • قوله -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ)، هنا أيضاً يظهر المد العارض للسكون في حرف الألف بعد كلمة “السماء”. تولد بعده همزة قطع، مما يشير إلى وجود مد آخر مشترك وهو المد الواجب المتصل، والذي سيتم استعراضه لاحقاً.
  • قوله -تعالى-: (وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ)، يظهر المد العارض للسكون في حرف الألف عند الوقف على كلمة “مآب”. وهذا المد يظهر بعد همزة قطع، لذا يوجد أيضاً مد آخر وذلك في سياق المد العارض للسكون.

مقدار المد في المد العارض للسكون

يُعطى القارئ حرية الاختيار في المد العارض للسكون بين ثلاثة أوجه: القصر، حيث يُمد حرف المد بحركتين فقط، أو التوسط، فيمد القارئ حرف المد لأربع حركات، أو الإشباع، حيث يُمد حرف المد لست حركات. ويحدد مقدار الحركة بالتفاوض مع المقرئين ويتوقف ذلك على نوع التلاوة.

يجب على القارئ الالتزام بميزان واحد خلال تلاوته للمد العارض للسكون؛ فإذا بدأ القارئ بما يخص القصر، فعليه الاستمرار على نفس المنوال، وهكذا بالنسبة للتوسط والإشباع.

أقسام المد العارض للسكون

ينقسم المد العارض للسكون إلى أربعة أنواع:

  • أولاً: المد العارض للسكون المطلق، ويقصد به أن المد يكون طبيعياً في حالة الوصل. مثل الحالات الثلاث الأولى في الأمثلة السابقة، حيث يكون المد طبيعياً بحركتين، وفي حالة الوقف يكون للقارئ الخيار بين القصر، التوسط أو الإشباع.
  • ثانياً: المد الواجب المتصل العارض للسكون، وهنا يجتمع نوعان من المد؛ الأول هو المد الواجب المتصل الناتج عن همزة القطع في نهاية الكلمة. أما المد العارض للسكون، فيظهر في حال الوقف على الكلمة.

مثال على هذه الحالة هو الذي ذكرناه في الحالة الرابعة، حيث يقوم القارئ بمدها لأربع أو خمس حركات وجوبًا بسبب المد الواجب، بينما يُسمح له بمدها ست حركات جوازًا بسبب العارض للسكون.

  • ثالثاً: المد البدل العارض للسكون، كما في المثال الخامس المذكور سابقًا، حيث يكون هناك همزة قبل حرف المد، ما يجعله مد بدل مع وجود سكون عارض، مما يسمح للدخول في مد عارض للسكون، ويتم مدّه أيضًا بالقصر، التوسط أو الإشباع.
  • رابعاً: المد اللين العارض للسكون، ويمكن أخذ مثال من (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، حيث أن الواو في كلمة “خوف” تُعتبر لينة لأنها مفتوحة ما قبلها، ويُسمح للقارئ فيها بالقصر أو التوسط أو الإشباع.
Scroll to Top