تُعَدّ هذه الرواية من أكثر الكتب مبيعًا في ألمانيا، حيث تبرز كمؤلَّف فريد يتناول قصة شخص يمتلك موهبة استثنائية تتمثل في حاسة شم مذهلة.
تحليل رواية “العطر”
يتجلى جمال الرواية في تعقيد شخصية بطلها الذي وُلِد في سوق للسمك وعاش فيه، مما أتاح له تطوير قدرة استثنائية على تمييز مختلف الروائح. وفيما يلي تحليل لأهم عناصر الرواية:
- تعبّر الفترة الزمنية والمكان في الرواية عن عصر مليء بالتفاوت الاجتماعي، حيث يظهر الناس في شكلين رئيسيين: النبلاء والفقراء.
- تدور أحداث الرواية بشكل رئيسي في أحياء الفقراء، التي تعاني من الروائح الكريهة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، حيث يُعتبر العطر وسيلة للترف.
- كان هناك نقص في المشاعر الإنسانية بين سكان هذه الطبقة الاجتماعية.
- أسهم ذلك، بالطبع، في تشكيل عقدة في حياة بطل الرواية منذ طفولته.
- وُلِد بطل الرواية، غرينويل، في سوق السمك، وتوفيت والدته بعد فترة وجيزة، مما أدى إلى حياة تعيسة.
- ومع ذلك، تمكن من اكتشاف حاسة شم فريدة في خضم هذه الظروف الصعبة.
- يكتشف البطل في شبابه أن البشر يمتلكون روائح خاصة، حيث يتمتع البعض برائحة عطرة بينما يفتقر الآخرون لذلك.
- يشرع البطل في ملاحقة الفتيات اللاتي يحملن روائح جذابة، ويقتلهن لنيل عطرهن الذي يأسر الآخرين.
- تؤول قصة البطل في النهاية إلى وفاته بسبب طبيعة عمله، حيث يسكب العطر على جسده، ليهاجم الناس ويؤدي ذلك إلى وفاته.
عناصر تركيب الرواية
تتضمن الرواية مجموعة من العناصر التي أسهمت في تشكيل شخصية بطلها وإنشاء طابع الرواية. فيما يلي نُبرز أهم هذه العناصر:
-
الطفولة المعاناة: عانى بطل الرواية بشكل كبير بسبب ظروف طفولته القاسية.
- حيث وُلِد في سوق بلا رحمة، وكانت والدته غير حانية حتى أنها حاولت قتله.
- الشعور باللامعنى: أحس بطل الرواية منذ صغره بأنه أقرب إلى الحيوان من كونه إنسانًا، حيث غابت مظاهر الحنان والعطف عن حياته.
-
المعاملة القاسية: واجه البطل قسوة في المعاملة من الجميع.
- نتيجة لذلك، نشأ دون أن يتمكن من الاندماج في المجتمع، ظنًا منه أنه مُرفض من قبل الآخرين.
- الموهبة المعذبة: كانت موهبة البطل ميزة خاصة في حياته، لكنها أُستخدمت في النهاية بشكل خاطئ.
اقتباسات من رواية “العطر”
تتميز الرواية بالعديد من الاقتباسات الفريدة نظراً لاستخدام الكاتب لأسلوب الراوي العليم. فيما يلي بعض من أبرز الاقتباسات:
- “بإمكان البشر إغلاق أعينهم أمام ما هو عظيم أو جميل، وإغلاق آذانهم أمام الألحان والكلمات المعسولة، لكن لا يمكنهم الهروب من العطر لأنه شقيق الشهيق.
- إنه يدخل عمق ذواتهم، ولا يمكنهم دفعه إذا رغبوا في البقاء على قيد الحياة.
- يدخل إلى أعماقهم، إلى القلب مباشرة، حيث يحدث الفصل الحاسم بين الرغبة فيه أو الاحتقار، بين القرف منه أو الرغبة فيه، بين حبه أو كرهه.”
- لم يكن الخوف الذي انتابه نتيجة لذلك الحلم خدر الاختناق بالبشاعة، بل كان خوفًا من عدم تأكده من معرفة نفسه، الذي يتعارض مع الخوف الآخر الذي لا مفر منه، عليه أن يقبله كما هو.
- شعر وكأنه عارٍ وبشع، كما لو كان مُراقبًا من قبل شخص ما، دون أن يُظهر شيئًا من نفسه.
- من أسباب شقاء الإنسان هو أنه يقاوم الاستقرار في حجرته حيث يجب أن يكون.
- لم يكن الخوف الذي انتابه نتيجة ذلك الحلم خوفًا من الاختناق بالبشاعة، بل كان خوفًا من عدم معرفته لنفسه، الذي يتعارض مع الخوف الآخر الذي لا مفر منه، عليه أن يقبله كما هو.
- حتى يخنقوه بأيديهم، أو يسدوا فمه أو أنفه، وهذه طريقة مؤكدة.
- لكنهم لم يتجرأوا على ذلك، لأنهم كانوا يرغبون في تجنب لمسه، فقد كانوا يقرفون منه كقرفهم من سحق عنكبوت بأيديهم.
- الموهبة ليست كافية؛ ما يهم أولاً هو الخبرة المكتسبة من خلال التواضع والجهد.
الرمزية في رواية “العطر”
تحتوي رواية “العطر” على رموز متعددة تعكس معاني عميقة، ومن أبرز هذه الرموز ما يلي:
-
وفاة غرينويل: يعدّ الموت رمزًا للخيار الوحيد المتاح بعد فشل غرينويل في جعل الناس يحبونه ويحترموه.
- أدرك أن هذا الحب والتقدير كانا للعبق وليس لشخصه، لذا اختار الموت.
- ماذا بعد تحقيق الحلم: كان حلم البطل رمزًا لحياته، لكن ماذا يحدث عندما يحقق المرء حلمه؟ ما الخيارات المتوافرة بعد ذلك.
-
حشرة الجراد: تلك الحشرة كانت رمزًا لبطل الرواية غرينويل، الذي وُصف بأنه مثل الجراد.
- وعلَّة ذلك أنه قبيح، وأهم ما يميز هذه الحشرة هو أنها تتشبث بجسد البشر لتمتص دماءهم، وهكذا أصبح غرينويل كجرادٍ في الواقع.