فضل الوالدين
إن للوالدين مكانة عظيمة في حياة أبنائهم، فهم الذين ساهموا في وجودهم بعد مشيئة الله -تعالى-. بذل الوالدان جهودهما في رعاية وتربية أبنائهم، حيث هيأوا لهم كل سبل الحياة. يقول الله -تعالى- في كتابه: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ). كما أن للوالدين دورًا مؤثرًا في تربية أبنائهم على الإيمان والأعمال الصالحة، وقد جاءت الوصية الإلهية بالإحسان إليهما في القول والفعل. يتوجب علينا أيضًا مراعاة مشاعرهما وأحوالهما، والابتعاد عن الإساءة لهما، بل يجب إكرام أصدقائهما، وهو نوع من الإحسان الذي يجب أن يتحلى به الأبناء في سائر الأوقات.
فضل الأم
يحتل الإسلام الأم مكانة خاصة في البر والإحسان، حيث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لرجل سأل عن أحق الناس بحسن صحبته: (أُمُّكَ)، فسأله ثانية: (ثُمَّ مَنْ؟) ليجيب النبي: (ثُمَّ أُمُّكَ)، ثم يكرر السؤال حتى قال: (ثُمَّ أَبُوكَ). إن الأم الصالحة تُسهم بشكل كبير في استقرار المجتمع من خلال التربية الصالحة التي تقدمها لأبنائها. لقد نالت الأم هذه المنزلة نتيجة ما واجهته من صعوبات أثناء الحمل، والوضع، والرضاعة، والتربية، حيث قال الله -تعالى-: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)، أي ضعفًا بعد ضعف. فالأم تعاني الكثير في سبيل الوصول إلى الولادة، ولذلك جاءت الوصية الإلهية بشكرها إلى جانب شكر الله -تعالى-، حيث قال: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ). لذا، يجب على الأبناء الإحسان إليها وبِرّها، وقد اعتبر الإسلام عقوقها من الكبائر.
فضل بر الوالدين
يتمتع بر الوالدين بالكثير من الفضائل، منها:
- يُعتبر بر الوالدين من أقرب الطرق إلى الجنة، كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-، حيث سأل عن الأعمال القريبة إلى الجنة، فقال النبي: (الصَّلاةُ عَلَى مَواقِيتِها)، ثم جاء بر الوالدين.
- بر الوالدين يُعتبر من أعظم الطاعات والعبادات، بينما عُقوقهم يُعد من الكبائر، وقد جاء في الأدلة الدالة على ذلك الربط بين العبادة والإحسان إليهما.
- بر الوالدين يُفضل على الجهاد في سبيل الله، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فِيهِما فَجَاهِدْ) عندما سُئل عن الجهاد.
- بر الوالدين يجلب رضى الله -تعالى- ويدخل صاحبه الجنة، إذ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ).
- بر الوالدين يمنع دخول دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالخسارة على من أدرك والديه شيخوختهم ولم يبرّهما.
صور بر الوالدين
يمكن أن تتجلى صور بر الوالدين في إدخال السرور إليهما، كما جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- راغبًا في الجهاد وترك أبويه يبكيان، فأمره النبي بالعودة إليهما وإرضائهما. كما يتوجب الابتعاد عن سبّهما أو شتمهما، بما أنه يُعتبر من الكبائر، فيقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ من أكبرِ الكبائرِ أن يلعنَ الرجلُ والدَيْه). وفيما يخص البر، فإنه يتعين تقديم بر الأم باعتبارها الأكثر حاجة. يُعتبر الاتصال بالأهل والاطمئنان عليهما، وتقديم الهدايا، وإطعامهما، وكساوتهم، من صور البر، حيث إن رضاهم يؤدي إلى خير عظيم.