محمد فريد
يعتبر محمد فريد شخصية بارزة في تاريخ مصر، فهو رمزٌ للتضحية والإخلاص من أجل الوطن. كان له دورٌ بارزٌ في مقاومة الاحتلال البريطاني وتعزيز الحياة السياسية في البلاد. وُلِد محمد فريد في مدينة القاهرة في 20 يناير 1868، وكان والده أحمد فريد باشا، الذي عُرف بأخلاقه الرفيعة وبتوليه مناصب عليا في الدولة. أما والدته، السيدة بمبة هانم، فكانت نموذجاً للأخلاق العالية. نشأ محمد فريد في بيئة تشجع على حب الوطن والاهتمام بشؤونه، وظهر تميزه خلال دراسته، حيث حصل في عام 1887 على شهادة الحقوق من مدرسة الإدارة. بدأ حياته العملية مترجماً في قلم قضايا الدائرة السنية، ثم ترقى في مناصبه ليُعيّن في نيابة محكمة مصر الابتدائية، واستمر في مسيرته المهنية حتى أصبح وكيلاً بنيابة الاستئناف في عام 1895. تزوج محمد فريد في عام 1888، ورُزق بولدين وأربع بنات.
نشاط محمد فريد ضد الاستعمار
تعرضت مصر للاحتلال البريطاني منذ عام 1882، وكان محمد فريد في طليعة المطالبين بالتخلص من هذا الاحتلال. بدأ نشاطه الوطني من خلال كتابة المقالات التي تعبر عن أفكاره، مستنداً إلى رؤية وطنية إسلامية. سعى أيضاً لدعم الدولة العثمانية، وبرز نضاله عند انتخابه وكيلاً للحزب الوطني عام 1908، بعد رحيل الزعيم مصطفى كامل. ومن أبرز إنجازاته خلال قيادته للحزب:
- إرسال برقيات إلى وزير الخارجية البريطاني تضامناً مع جهود مصطفى كامل في الاحتجاج على الاحتلال.
- المطالبة من الخديوي بإلغاء محاكمة الأهالي الذين تعرّضوا لضباط الاحتلال.
- دعوة الوزراء للاستقالة اعتراضاً على تصريحات المستشارين الإنجليز.
- تشجيع الشعب على المطالبة بإصدار دستور وإنشاء مجلس نيابي، رغم رفض الخديوي لتلك المطالب.
- السفر إلى دول أوروبية مثل سويسرا وإنجلترا للدفاع عن القضية الوطنية.
- تحقيق دعم الحكومة العثمانية لمصر بعد زيارة إلى إسطنبول عام 1909.
اهتمامات محمد فريد
كان لدى محمد فريد مجموعة من الاهتمامات السياسية والاجتماعية، أسسها من خلال كتاباته ومذكراته، ومنها:
- التوجه نحو القضايا الاقتصادية وتأثير الشركات الأجنبية على الاقتصاد الوطني.
- معالجة قضايا الفلاحين وتقديم الدعم خلال إضراباتهم.
- متابعة الشؤون الصحفية والاختراعات الجديدة.
- إجراء مناقشات حول إضراب العمال.
- التركيز على التعليم ومناقشة سياسة الاحتلال في هذا المجال.
- تتبع القضايا القانونية لا سيما المتعلقة بالعمال.
- دعم الرياضة، بما في ذلك كرة القدم.
الحكم على محمد فريد
أثار الخطاب الوطني الذي ألقاه محمد فريد في مؤتمر الحزب عام 1912 قلق المحتل البريطاني، حيث انتقد فيه سلطات الاحتلال. بعد أن عُلمت نوايا الاحتلال، غادر مصر متجهاً إلى إسطنبول، مما أدى إلى قيام سلطات الاحتلال بتفتيشات واسعة وفتح تحقيقات مع قادة الحزب. تم توجيه تهمة غيابياً لمحمد فريد بالتحريض، وحكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة عام. لم يستمر في إسطنبول بل انتقل إلى باريس وجنيف ليتابع نشاطه في المؤتمرات الدولية. توفي محمد فريد في برلين عام 1919، وشيع بجنازة مهيبة عند وصول جثمانه إلى مصر حيث دُفن هناك.
كتابات ومؤلفات محمد فريد
اهتم محمد فريد بالكتابة والتأليف، حيث بدأ الكتابة في الصحف بعد تخرجه من كلية الحقوق. كتب مجموعة من المقالات في “مجلة الآداب”، وله مخطوطة تضم خمسة أجزاء حول أحداث مصر من 1891 إلى 1897. كما أسس بالتعاون مع أحمد حافظ عوض ومحمود بك أبي النصر مجلة علمية نصف شهرية تحت اسم “مجلة الموسوعات” في عام 1898. ومن مؤلفاته الشهيرة:
- كتاب “أو البهجة التوفيقية في تاريخ مؤسس العائلة المحمدية” الذي يتناول إنجازات محمد علي باشا، كتبه عام 1891.
- كتاب “تاريخ الدولة العلية العثمانية” الذي يسلط الضوء على دور الدولة العثمانية في حماية الإسلام، وأصدره عام 1894.
- تحليل عن تاريخ الدولة الرومانية في كتاب منفصل.