ونزعنا ما في صدورهم من غل
- ذكرت الآية الكريمة “ونزعنا ما في صدورهم من غل” في القرآن مرتين؛ الأولى في سورة الأعراف والثانية في سورة الحجر.
- فيما يتعلق بآية الأعراف، يقول الله تعالى: “وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ”، ويستكمل بقوله “وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” الأعراف.
- أما في سورة الحجر، يقول الله عز وجل: “وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ”.
سبب نزول: ونزعنا ما في صدورهم من غل
- يفسر العلماء أن هذه الآية نزلت بسبب العلاقة بين أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين.
- فقد كانت هناك مشاعر من الغل والبغض بينهم خلال الجاهلية.
- هذا الغل كان ناتجًا عن الخلافات بين القبائل التي ينتمون إليها، مثل بني هاشم، وبني عدي، وبني تميم.
- عندما أسلم أبو بكر وعلي وعمر أصبحوا إخوة وأحباء، وتم نزع هذا الغل من قلوبهم بفضل الله تعالى.
- وكان أبو بكر رضي الله عنه يتألم من خاصرته، فكان علي رضي الله عنه يسخن يديه ليكوي بها خاصرته.
- وبذلك انتقلوا من مشاعر الغل القبلية إلى أواصر الأخوة في الله، التي تمثل أسمى أنواع العلاقة بين المؤمنين.
تفسير: ونزعنا ما في صدورهم من غل في سورة الأعراف
- يخبرنا الله تعالى بأنه أخرج الغل من قلوب المؤمنين المذكورين في الآيات، وهم أهل الجنة، فلا يحملون حقدًا أو غلا أو بغضا أو حسدًا فيما بينهم.
- هذا الأمر لا يجب أن يتواجد بين المؤمنين، وقد أخرجه الله من قلوبهم في الدنيا عندما أسلموا، وسيأتي يوم القيامة بقلوب سليمة وصافية.
- وهذا هو سبب دعائهم في كل وقت: “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا” الحشر.
- ثم يقول تعالى: “تجري من تحتهم الأنهار”، مما يدل على أنهم تمتعوا بنعيم الجنة وأنهارها لما كانوا مجتمعين ومتآلفين.
- وبعدها يقول: “وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله”، معبرين بذلك عن شكرهم لله على نعيمهم.
- فقد أدركوا فضل الله عليهم عند رؤية نعيم الجنة.
- هدايتهم تشمل أنواعًا مختلفة، منها الهداية العامة، وهداية الإرشاد، وهداية التوفيق، وهداية معرفة المنازل في الجنة.
- قال تعالى: “وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ” محمد.
- وفي آية الأعراف: “لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون”.
- فأهل الجنة عندما شاهدوا النعيم، عرفوا بوضح ما جاءتهم به الرسل من الحق.
تفسير “ونزعنا ما في صدورهم من غل” في سورة الحجر
- كما في آية الأعراف، يخبرنا الله تعالى بأنه نزعت الحقد والغل والحسد من قلوب أهل الإيمان تجاه بعضهم البعض.
- ثم قال: “إخوانًا على سرر متقابلين”، مما يدل على أوصاف الأخوة، حيث عادت العلاقات قوية.
- هؤلاء الإخوة ستتاح لهم منازل عالية في الجنة، حيث يجمعهم النعيم الاجتماعي، متكئين على سرر متقابلة.
- يستطيعون التحدث مع بعضهم البعض، مما يزيد من حلاوة نعيمهم.
- ويشعرون بمدى سلامة قلوبهم في الدنيا والتي كانت سببًا لنعيمهم الكبير في الآخرة.
يمكنكم أيضًا التعرف على:
فوائد من “ونزعنا ما في صدورهم من غل”
- أولى الفوائد أن القلوب بيد الله، فهو من ينزع الغل منها كما يشاء، ويشدد على أهمية صفاء القلب.
- وقد امتن الله على المؤمنين بقوله: “وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا” آل عمران.
- كما أن صفاء القلب يمثل نعيم الجنة وقد يثاب العبد عليه في الدنيا، لكنها تحتاج إلى مجاهدات وصبر.
- يتوجب على المسلم الدعاء لسلامة الصدر تجاه إخوانه المؤمنين، والتجاوز عن زلاتهم.
- هذا ينعكس على حسن الظن بهم ورجاء ما عند الله من نعيم.
وقفات تدبرية مع “ونزعنا ما في صدورهم من غل”
- عندما نتأمل في الآية، نجد أن الله تعالى يربط بين صفاء القلب والأخوة.
- كلما زادت سلامة القلب، زادت الأخوة عمقًا وثباتًا.
- سلامة الصدر تعتبر من نعيم الجنة، لذا من كان صدره سليمًا في الدنيا سيأخذ نصيبًا من النعيم في الآخرة.
- هذه الآية تقدم دروس للمصلحين حول كيفية التعامل مع الاختلافات الفكرية بين المسلمين.
- يجب علينا التقريب والتلاحم بدلاً من العداوة.
- تظهر الآية أن الحقد مثل السم الذي يحتاج إلى قوة الرب لدفعه.
- وبالحديث عن “الذي هدانا لهذا”، يجب أن نكون متخيلين لنعيم الجنة ومنازلنا فيها.
- وأخيرًا، أهمية حمد الله تعبر عن شكرنا القلبي واللساني.