دراسة حول تفسير سورة الإسراء في القرآن الكريم

تفسير سورة الإسراء

آيات معجزة الإسراء

تبدأ السورة بتسبيح الله -عز وجل- عن كل نقص، إذ أسرى بعبده محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، روحًا وجسدًا، بواسطة البراق، وهذا هو موطن الإعجاز. ثم عُرج به إلى السماوات، وفي رحلة المعراج، فُرضت الصلاة على المسلمين. وكان الهدف الإلهي من هذه الرحلة هو إظهار بعض آيات الله -عز وجل- في السماوات، الجنة، وسدرة المنتهى. وتختتم الآية بالتحذير من تكذيب المشركين لحدث الإسراء والمعراج؛ فهو السميع لما يقولونه، والعليم بمكرهم.

الآيات المتعلقة ببني إسرائيل

تتحدث الآيات عن سبب الإشارة إلى توراة موسى بعد ذكر محمد -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأن كليهما يحملان أفضل الكتب وأسمى الشرائع. وقد أكد الله -سبحانه- على أن توراة موسى هي النور الذي أضاء طريق بني إسرائيل، الذين أكرمهم الله بكونهم من ذرية الذين نجاهم الله مع نوح من الطوفان. وقد حثهم على الاقتداء بواجب الشكر لله -عز وجل- على نعمه.

ثم تتناول الآيات إفسادتين لبني إسرائيل، وكلاهما ناتج عن بطر النعمة وارتكاب المعاصي. ففي الإفساد الأول: يسخر الله -تعالى- عليهم جيشًا ضخمًا من الكفار، يستولون على أموالهم ويهزمونهم. ويتفق المفسرون على أن هذه الهزيمة هي عقاب لهم لتركهم شريعة موسى. وبعد الهزيمة، يعلن الله -عز وجل- أن بني إسرائيل سيتحقق لهم النصر مرة أخرى، حيث يعيد لهم قوتهم وعدتهم بسبب عودتهم إلى طاعته وامتثالهم لشريعته.

تشير الآيات أيضًا إلى أنّ بني إسرائيل لن يلتزموا بشريعة موسى، مما سيؤدي إلى العقوبة الثانية، والتي تتمثل في طردهم من بيت المقدس، وهدم منازلهم ومزارعهم، ومع ذلك، يأمل الله -تعالى- أن يعودوا إلى شريعته فيستعيدوا ما فقدوه.

مهمة القرآن الكريم

  • قال -تعالى-: (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً *وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)، تتحدث هذه الآيات عن هداية القرآن للطريق المستقيم، مع وعد المؤمنين بالأجر العظيم، بينما يُحذّر أعداءهم من العذاب الأليم.
  • قال -تعالى-: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً* قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)، تتناول هذه الآيات تعاليم القرآن، الذي نزل بالحقيقة إلى رسول الحق، محفوظًا من الله -عز وجل-، ومفرّقًا ليكون أكثر سهولة في الحفظ والفهم. فمن آمن به، جنى الخير لنفسه، ومن كفر، فلن يُلحق بالقرآن شيء. هؤلاء الذين آمنوا من أصحاب العلم الذين تلا بالكتب السابقة، يعرفون حقيقة الوحي ويميزون بين الحق والباطل، فيخرّون سجودًا شكرًا لله، معززين إيمانهم.

فضائل ووصايا

احتوت الآيات الكريمة على عدد من الفضائل والوصايا، ومن أهمها:

  • الإحسان إلى الوالدين، مع الحرص على الكلام الطيب والتواضع في التعامل، وتجنب الأذى أو الغضب تجاههما.
  • الإخلاص في الطاعة وعدم التناقض بين المظهر والباطن.
  • إعطاء حقوق الأقارب المادية والمعنوية، من خلال صلة الرحم ومساعدة المحتاجين.
  • تخصيص الزكاة للفقراء والمساكين.
  • اجتناب البخل والإسراف، مع تشجيع الاعتدال في النفقة.
  • النهي عن قتل النفس الإنسانية بغير حق.
  • النهي عن أكل مال اليتيم.
  • النهي عن الزنا والابتعاد عن مقدماته.
  • الالتزام بالعقود والمواثيق.
  • الوفاء في الميزان والكيل، خاصة لأهل التجارة.
  • التأكد والتحقق من صحة الأخبار.
  • تجنب الكبر والتفاخر، والحث على التواضع.

الرد على المشركين

بدأت الآيات الكريمة بإقامة الحجج على المشركين، مشيرةً إلى طلب الآلهة القرب والطاعة لعالم الملك، في حين أن الله -عز وجل- منزه عن كل ذلك. فقد عاقب الكفار بعدم فهم القرآن لأنهم يعرضون عنه باستهزاء.

كما زاد من كفرهم أنهم قارنوا رسول الله بأمور لا تليق به، وتساؤلهم ما إذا كان الله قادرًا على إحيائهم بعد أن يصبحوا ترابًا. وقد جاء رد رسول الله أن الله قادر على البعث مهما كانت الحال. وحتى يظل المؤمنون في الجدال، فإن مهمتهم ليست سوى التذكير والتنبيه.

استبعد مشركو قريش أن يكون رسول الله نبيًا لهم، لكن جاء الرد من الله بأنه أعلم بمن يصلح للنبوّة من بينهم، وأن ما يدعونه لا يحمل شيئًا من النفع أو الضر. وقد كانت تكذيبهم للآيات الربانية سببًا لعدم إرسال آيات جديدة لهم.

وبفضل الله، لا يزال القرآن محفوظًا كالأحرف والحروف، في حين أن الكفار يصرون على عدم الإيمان إلا بمظاهر حسية. لكن رسول الله كان بشرًا مثلهم، وليس عليه إلا البلاغ المبين.

في ختام الأمر، لن ينالوا جزاء يوم القيامة سوى عذاب النار لكفرهم.

نعم الله على العباد

نعم الله في الكون

من نعم الله في الكون:

  • آية الليل والنهار: وهما دليلاً على قدرة الله -عز وجل-، حيث يسهمان في مصلحة الإنسان والحيوان، فالليل للسكون والراحة، والنهار للعمل وكسب الرزق.
  • آية تيسير الفلك في البحر: فقد مَنّ الله -عز وجل- على البشر بإرسال السفن التي تجوب البحار، سواء كانت مالحة أو عذبة، لتعزيز تجارة الإنسان وأمنه.

تفضيل بني آدم

قد فضل الله -عز وجل- بني آدم بما منحهم من نعمة العقل والمعرفة، وإرسال الأنبياء، واعتبارهم الصالحين في الأرض.

آيات السجود لآدم

توضح الآيات الكريمة أن أول معصية لله -عز وجل- كانت برفض إبليس السجود لآدم، وهذا السجود تعظيم وليس عبادة، وقد جاء مرفوضًا استكبارًا وعزًا على ما أمر به الله.

محاولة فتنة الرسول

بينت الآيات الكريمة محاولة فتنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خلال التشكيك في المبادئ الإسلامية، ولكن الله -عز وجل- حفظه من هذا الانزلاق، مستهدفًا إسلامهم، وهو ما يظهر صدقه ورسالته.

معجزات موسى

تناولت الآيات المعجزات التي أيد الله -عز وجل- بها نبيه موسى، مثل العصا، اليد، الجرد، القمل، الضفادع، والدم، إلى جانب انفجار الماء من الحجر وانفلاق البحر.

دعاء المسلم

تحث الآيات الكريمة المسلمين على الدعاء إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا.

نبذة عن سورة الإسراء

تعد سورة الإسراء سورة مكية، نزلت في السنة الحادية عشر من البعثة، وتُعرف أيضًا بسورة بني إسرائيل بسبب ما تتناوله من أحداث تخصهم، وكذلك بسورة سبحان. وقد أنزلت بعد سورة القصص وقبل سورة يونس، وترتيبها في القرآن هو السورة رقم خمسين، بعدد آيات يصل إلى مائة وعشر آيات.

ختامًا، تناول المقال تفسير آيات سورة الإسراء بشكل شامل، من خلال تقسيم الآيات المتعلقة بكل موضوع وتفسيرها، إضافة إلى التعريف بالسورة نفسها.

Scroll to Top