ما هو القرآن الكريم؟
يُعرّف القرآن الكريم بأنه كلام الله -تعالى- الذي تكلم به بصدق، سواء من حيث الحروف أو المعاني، وقد أنزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق الوحي من خلال الملك جبريل -عليه السلام-. فقد استمع جبريل إلى كلام الله، ومن ثم نقل النبي محمد -عليه السلام- إلى صحابته الكرام -رضي الله عنهم-. يُعتبر القرآن الكريم الكتاب المقدس في الدين الإسلامي، وقد اختاره الله -تعالى- ليكون دليل خلقه. كما قال الله -عز وجل-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). القرآن يشتمل على روح الدين، وهو نظام وقانون للأمة الإسلامية، وهو مرشد المسلم في حياته، ويدلّ على الطريق الصحيح.
أسماء القرآن الكريم وصفاته
أشار العلماء إلى أن للقرآن الكريم أسماء وصفات متعددة ذُكرت فيه. وفقاً للدكتور خمساوي، يُمكن أن نجد 99 اسمًا مشتقة من 72 مادة لغوية. بينما أشار الفيروزآبادي إلى وجود 93 اسمًا، وذكر الشيخ البليهي 46 اسمًا. تعدد الأسماء يشير إلى كمال القرآن وشرفه، إذ إن كثرة أسماء الله -تعالى- تدل على عظمته وكماله، وكثرة أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- تشير إلى مكانته العالية. وجميع الأسماء والصفات للقرآن هي توقيفية، فلا يُسمح بتسميته أو وصفه إلا بما جاء في النصوص أو ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. من أسماءه وصفاته نذكر:
- اسم “القرآن” المذكور في قوله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ).
- اسم “النور” في قوله -تعالى-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا).
- اسم “الذكر” في قوله -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
- اسم “الفُرقان” في قوله -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).
- اسم “الكتاب” في قوله -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ).
- صفة “المُبارك” في قوله -تعالى-: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ).
- صفة “الفصل” في قوله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْل).
- صفات “الهدى” و”الرحمة” في قوله -تعالى-: (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ).
- صفة “الكريم” في قوله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ).
- صفة “الحكيم” في قوله -تعالى-: (الر تِلكَ آياتُ الكِتابِ الحَكيمِ).
خصائص القرآن الكريم
يمتاز القرآن الكريم بعدة خصائص منها:
- مصدره هو الله -تعالى-، كما ورد في قوله: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
- الله هو المتكلم به، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ).
- نزل على مدار ثلاث وعشرين سنة، خلافًا للكتب السماوية السابقة التي نزلت دفعة واحدة. قال الله -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً).
- الله -تعالى- تكفّل بحفظه، كما قال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
- يتفوق على جميع الكتب السماوية السابقة، إذ جاء مصدقًا لها ومهيمنًا عليها وطعن في بعض ما جاء فيها.
- إعجازه في جميع جوانبه، وكان التحدي به مطروحًا للعرب الذين كانوا أهل فصاحة، حيث تحداهم الله أن يأتوا بمثله أو على الأقل سورة من سور القرآن. يعتبر القرآن مُعجِزاً بمعناه، حيث لا تستطيع البشرية الإتيان بمثله لا من حيث البلاغة ولا التشريعات.
- شمول رسالته لكافة البشر، كما قال الله -تعالى-: (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ).
أهمية القرآن الكريم
تتجلى أهمية القرآن الكريم في احتوائه على الهداية الشاملة في جميع جوانب الحياة، من العقيدة الصحيحة، والعبادات، والأخلاق، والتشريعات. الالتزام بما جاء فيه يضمن للإنسان حياة طاهرة مزدهرة ويتضمن الرخاء والسعادة، كما أشار الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
واجبنا تجاه القرآن الكريم
كرّم الله -تعالى- القرآن الكريم وخصصه لمرتبة عالية مقارنة بالكتب السماوية الأخرى. لذا، يتوجب على الأمة الإسلامية الإسراع في تلاوته والمشاركة في حفظه، مُبتعدين عن هجره. فمعرفة القرآن والعمل بما فيه شرف عظيم، وله أجر كبير، ونحن مدعوون للاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام -رضي الله عنهم-.
كيفية التعامل مع القرآن الكريم
يُعتبر القرآن الكريم دليلاً شاملاً للحياة ويتطلب من القارئ حسن التعامل معه. ينبغي أن يكون التأثير به واضحًا وأن يُنظر إلى مقاصده وأهدافه. الشرط الأساسي للمسلم هو أن يعد القرآن كلام الله ويدعو له، مع البحث عن أوامره والتزامها.
الصيغة الصحيحة لتلاوة القرآن
حدد الله -تعالى- الطريقة المثلى لتلاوة القرآن، والتي أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً). ينبغي أن تكون القراءة بمهنية، مع مراعاة أحكام التجويد وتجنب السهو. ومن يُهمل هذه الأحكام يخرج عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجب أن تتضمن القراءة الصحيحة 3 أركان رئيسية:
- الركن الأول: مراعاة اللغة العربية في القراءة.
- الركن الثاني: مراعاة الرسم العثماني.
- الركن الثالث: صحة السند إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
من المهم أن نلاحظ أن اختلال أي من هذه الأركان يؤدي إلى قراءات غير صحيحة، مما يجعلها غير مقبولة.
آداب تلاوة القرآن
- التوجه نحو القبلة عند القراءة.
- استعمال السواك من أجل الطهارة وتعظيم القرآن.
- الحفاظ على الطهارة من الحدث.
- تحقيق الخشوع والتفكر أثناء القراءة.
- البكاء أو التباكي أثناء القراءة.
- الابتعاد عن اللهو والعبث أثناء التلاوة.
- الاستفادة من الدروس والحكم الموجودة في القرآن.
فضل قراءة القرآن الكريم
توجد العديد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية التي تشير إلى فضل قراءة القرآن. ومن هذه الفوائد:
- تلاوة القرآن تجلب النجاه والفلاح.
- هي وسيلة لرفع درجات المؤمنين في الدنيا والآخرة.
- تحقيق البركة والخير في حياة القارئ.
- تساعد على استحضار السكينة والرحمة.
- تدل على حفظ الله للقراء وصلاحهم.
تدبر القرآن الكريم
تعني كلمة “تدبر” في اللغة التأمل في الأمور ومعانيها بعمق. يُعتبر تدبر القرآن من أفضل العبادات، إذ يتيح للمسلم فهم معانيه وما يُراد منه. يجادل بعض العلماء بشأن أهمية التدبر، حيث يُعتبر قراءة القرآن -مع تدبر- أفضل بكثير من القراءة دون تدبر.
تدوين القرآن الكريم
بعد نزول القرآن، كان من الضروري أن يحفظه المسلمون من خلال كتابته وتدوينه. قام النبي -عليه الصلاة والسلام- بتشكيل كُتاب للوحي الذين كانوا يكتبون الآيات على مواد مختلفة. عند تولي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، حدثت خُطورة بانقطاع القرآن بسبب استشهاد العديد من الحفظة. لذا أوصى عمر بجمع القرآن في مصحف واحد. بعد عدة مستشارة، وافق أبو بكر -رضي الله عنه- وقام بتعيين زيد بن ثابت -رضي الله عنه- لإتمام المهمة.
فيما بعد، عندما تولى عثمان -رضي الله عنه- الخلافة وتمدد الفتح الإسلامي، كان يجب توحيد قراءة القرآن لحلّ النزاعات بين القراء من المناطق المختلفة. قرر عثمان إرجاع المصحف الذي كُتب زمن أبي بكر -رضي الله عنه- ونسخه بنسخ متعددة ليحرص على توحيد القراءة. وأُلقي هذا العمل على كُتاب موثوقين لتسليم النسخ إلى مختلف البلاد وتفعيل القراءة الموحدة.
العلوم القرآنية
تشمل العلوم القرآنية جميع القضايا المتعلقة بالقرآن، بدءًا من نزوله وأسبابه، وترتيبه، وإعجازه. تساعد هذه العُلُوم في بناء ثقافة عالية بين المسلمين حول القرآن، وتكون أدوات للمعرفة والتفسير.
القصص في القرآن
القصص الواردة في القرآن تتناول أحداثًا تعود إلى أمم سابقة وأنبياء الماضي، وتُعرف بأنها تعكس دروسًا وعبر ثمينة. تنقسم القصص القرآني إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
- قصص الأنبياء ومعجزاتهم وتفاعل أقوامهم.
- قصص لأشخاص غير أنبياء ولكن لهم أحداث مهمة.
- قصص تتعلق بأحداث حدثت في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
تُظهر القصص أهمية الدعوة وأصول الشريعة. تدعم صمود النبي -عليه الصلاة والسلام- وتنشر الهدى ومعاني الرحمة في المجتمع.