تاريخ الاحتلال العثماني لمدينة القسطنطينية

مدينة القسطنطينية

تقع مدينة القسطنطينية في نقطة التقاء القارتين الآسيوية والأوروبية، وتحيط بها المياه من ثلاث جهات: البحر الأسود من الشمال، ومضيق البسفور من الشرق، وبحر مرمرة من الجنوب. تتميز المدينة بقوتها ومنعتها، واحتوائها على ميناء القرن الذهبي، الذي يعتبر واحداً من أوسع وأمن الموانئ في العالم. تأسست القسطنطينية على يد ملاحين من مدينة ميجارا عام 657 قبل الميلاد، وظلت تعرف باسم بيزنطة حتى عام 330 ميلادياً، عندما جعلها الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة للإمبراطورية. بعد ترميمها، أعيد افتتاحها وأطلق عليها اسم “روما الجديدة”، ولكن سكان المدينة فضلوا تسميتها بالقسطنطينية.

تاريخ فتح مدينة القسطنطينية

استمرت مدينة القسطنطينية كعاصمة للإمبراطورية الرومانية الشرقية حتى سقوطها في أيدي العثمانيين عام 1453 ميلادياً. كان هدف العثمانيين من الاستيلاء على المدينة هو نشر الإسلام في القارة الأوروبية. قامت محاولات لفتح المدينة تحت قيادة السلطان بايزيد الأول عام 1395م، وكذلك على يد ابنه موسى والسلطان مراد الثاني، إلا أن جهودهم لم تنجح حتى جاء السلطان محمد الفاتح، الذي تمكن من قيادة الحصار بمهارة وتنظيم عالٍ، مما ساعده على تحقيق إنجاز فتح المدينة.

أنشأ محمد الفاتح قلعة قوية على الشاطئ الأوروبي المواجه للقسطنطينية، وعلى أثر ذلك بعث الإمبراطور قسطنطين برسائل للاعتراض على هذا التحرك. ومع ذلك، أُعطيت الأوامر للجيش العثماني بالاستعداد لحصار القسطنطينية، حيث تحركت الجيوش ورافقها المدافع العملاقة التي قام المهندس أوربان بتصنيعها، وتم نقلها على عربات ضخمة يجرها الثيران، وقد استولت القوات العثمانية على عدة مدن مثل مسميريا وإنكيالوس وبذيه، بالإضافة إلى قلعة “سنت إتين”.

وصلت الجيوش إلى القسطنطينية وبدأ الحصار في السادس من أبريل 1453. قدرت المصادر عدد الجيش بحوالي 80 ألف جندي مقابل 40 ألف مدافع من الجانب الروماني. كما وصل الأسطول العثماني إلى مياه البسفور، حيث أقام معسكره، وتمت عملية توزيع العتاد والجنود لتحقيق السيطرة على الأسوار والمنافذ، مما أدى إلى طوق المدينة بحرياً وبرياً. على الرغم من ذلك، تصدى المدافعون الروم بأسلحة متقدمة مثل النار الإغريقية، ومرت الأيام الأولى من الحصار بمحاولات ومعارك جزئية، حيث حاول العثمانيون الهجوم على الأسوار بشدة حتى تمكنوا من ملء الخندق المحيط بالأسوار بالأشجار وجثث الموتى.

أدرك السلطان أنه يتعين عليه تدمير السلسلة الحديدية التي تمنع سفنه من الوصول إلى الميناء، فقرر نقل السفن عن طريق البر. برغم صعوبة الطرق، تمكن مهندسون متمرسون من وضع خطة لنقل السفن ليلاً وتحضير المسار، مما سمح لسفن العثمانيين بالسيطرة على القرن الذهبي والوصول إلى أسوار المدينة. كما أمر السلطان بإنشاء جسر كبير داخل الميناء لوضع المدافع عليه. استمر حصار المدينة لمدة تسعة وأربعين يوماً عانت خلالها المدينة المحاصرة ضغوطاً شديدة.

في فجر يوم الثلاثاء 29 مايو 1453، نفذ الأتراك الهجوم الأخير من البر والبحر. تمكن الجنود من دخول المدينة، وركض الإمبراطور قسطنطين ومن معه لمحاولة الدفاع عن المنطقة، مما أدى إلى نشوب معركة عنيفة، أدت إلى سقوط الإمبراطور وهروب المدافعين. وعندما تأكد السلطان محمد الفاتح من سيطرة جيشه على المدينة، دخل عاصمة البيزنطيين وتجوّل فيها، وأمر برفع الآذان وصلى مع جنوده. عُرف بلقب “الفاتح” لما يمثله فتح هذه المدينة من أهمية كبيرة، وأطلق عليها اسم “إسلام بول”، والذي يعني باللغة التركية “دولة الإسلام”.

فيديو عن مدينة القسطنطينية

يمكنكم التعرف على مدينة القسطنطينية من خلال الفيديو المعروض.

Scroll to Top