نداء الإنسان يوم القيامة باسمائه وباسم أبيه
ينادى الإنسان يوم القيامة باسمه واسم أبيه، كما ورد في صحيح الإمام مسلم، حيث قال عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (عندما يجمع الله الأوّلين والآخِرين يوم القيامة، يُرفع لكل غادر لواءٌ، ويقال: هذه غدرة فلان بن فلان). يُستخدم النداء بالاسم واسم الأب لتوضيح وتمييز كل فرد عن الآخر وإشهاره بين الخلائق. وقد جاء أيضًا في الحديث الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنكم تُدْعَوْن يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم). فالعَبد يُنسب في الحياة الدنيا لأبيه، ويُشتهر باسمه أيضًا يوم القيامة. ومن الأدلة الصريحة التي تشير إلى كيفية مناداة الإنسان يوم القيامة ما ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- في حديثه عن صفة خروج الروح، إذ قال: (ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن الأسماء التي كانوا يسمونه بها في الدنيا). كما ذكر ابن عمر -رضي الله عنهما- عن زيد بن حارثة، مولا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله}). كما بوّب الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان: “باب يُدعى الناس بآبائهم”.
النقاش حول نداء الإنسان باسم أمه يوم القيامة
لا يُمكن القول بأن الإنسان يُنادى يوم القيامة باسم أمه، استنادًا إلى قوله -جل وعلا-: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يُظلمون فتيلاً). وتفسير الكلمة “إمام” في الآية على أنها جمع لأم يتطلب العديد من الحكم، منها الرعاية الإلهية لعيسى -عليه السلام- ورفع شأن سبطي الرسول -عليه الصلاة والسلام-، الحسن والحسين -رضي الله عنهما-. بالإضافة إلى ذلك، يُشير ذلك إلى رحمة الذين لم يولدوا في الحلال، حيث يُنادى بأسماء أمهاتهم لتجنّب كشف هويتهم أمام باقي الخلق. ومع ذلك، فهذا الرأي غير دقيق، فجمع “أم” هو “أمهات” ولا يمكن جمعها على “إمام”. وما ورد في شأن عيسى -عليه السلام- ليس صحيحًا، إذ وُلِدَ بدون أب تكريمًا له ولأمه، وليس تقليلًا من شأنهما. أما الحديث عن الحسن والحسين، فهم من آل البيت وليس لأحد فضيلة على آخر. وأما التبرير من الخوف من كشف أطفال الزنا، فهو أمر غير منطقي ولا ذنب للأولاد، فهم لم يرتكبوا أي خطأ يستوجب الستر. لذا، المقصود في الآية أن الإنسان يُنادى بإمامه استنادًا إلى الطريق الذي سلكه في حياته الدنيا. أكد العلامة ابن القيّم -رحمه الله-: “في هذا والله أعلم تنبيه على تحسين الأفعال المناسبة لتحسين الأسماء؛ حتى تُعتبر الدعوة على رؤوس الأشهاد بالاسم الحسن والوصف المناسب له”.
الفوائد المستفادة من نداء الناس بأسمائهم يوم القيامة
يمكن استنتاج أهمية اختيار أحسن الأسماء من الأحاديث التي تطرقت لذلك. قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: (إنكم تُدْعَوْن يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم). كما ورد في الأحاديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحث على تغيير الأسماء غير المرغوبة، حيث جاء في حديث مرسل: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع اسمًا قبيحًا يغيّره إلى اسم أفضل). وقد قام النبي -عليه الصلاة والسلام- بتغيير عدة أسماء، كما رواه الإمام مسلم، عندما غيّر اسم “عاصية” إلى “جميلة”، وغير أسماء أخرى مثل: “العاصي” إلى “المطيع”، و”شهاب” إلى “هشام”، و”حبّاب” إلى “عبدالله”، و”عتلة” إلى “عتبة”، و”غراب” إلى “مسلم”. لذا، من الضروري اختيار الأسماء الحسنة، اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
تعريف يوم القيامة
يوم القيامة هو اليوم الذي يمثل نهاية الحياة الدنيا، ويتجمع فيه الخلق أمام الله -تعالى- ليحاسبهم على ما قدموه في حياتهم، ومصيرهم يأتي بحسب ما كسبوا، إما إلى الجنة أو النار. لهذا اليوم أسماء متعددة: مثل يوم الفصل، يوم الحساب، يوم البعث، يوم الخلود، يوم الخروج، يوم الدين، يوم الوعيد، يوم الجمع، والغاشية، والطامة الكبرى، والصاخة، والقارعة، وغيرها من الألقاب التي تصف أفزاع ذلك اليوم. من المهم الإيمان بيوم القيامة فهو فرض على كل المسلمين، ولا يُقبل إيمانهم إلا بالتصديق به، كما ذكر الله -تعالى-: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالًا بعيدًا). ويشتمل يوم القيامة على مراحل وأحداث عظيمة تتطلب علامات الساعة، تليها نفخة في الصور، ثم الحشر والحساب. وفيما يتعلق بما سيؤول إليه البشر من الخلود إما في الجنة أو النار، فقد ذكر الله -تعالى- يوم القيامة في مواضع عدة من القرآن، منها قوله -عز وجل-: (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثًا). وأيضًا قوله: (ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجًا)، حيث تعكس هذه الآيات عظمة يوم القيامة، وتحثّ على التقوى والحرص على الأعمال والأقوال.