تُعد الآية: “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً” من الآيات المهمة في القرآن، حيث تعكس الأحداث العظيمة ليوم القيامة. تحتوي هذه الآية على الكثير من الشروحات والمعاني العميقة، وهي تقع في آخر سورة النمل التي تُعتبر من السور المكية.
تتناول السورة العديد من الدروس القيمة، ونتعرف من خلالها على تأثير هذه الآية في الفهم الشامل ليوم القيامة.
تفسير الآية: “وترى الجبال تحسبها جامدة”
يُشير الشيخ متولي الشعراوي في تفسيره للآية 88 من سورة النمل إلى أنها تأكيد قرآني يتناول دوران الأرض حول نفسها.
تنص الآية: “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ”.
يقول الشعراوي إن الجبال تعتبر رواسخ الأرض، ويُفترض بها أن تكون ثابتة. ولكن الله تعالى يريد أن يُظهر لنا أن هذه الجبال، التي نظن أنها ثابتة، تتحرك في الواقع جنباً إلى جنب مع حركة الأرض نفسها.
وبذلك يبرز الله سبحانه وتعالى قدرة دوران الأرض بصورة رائعة.
تفسير آخر لهذه الآية يُشير إلى أن يوم القيامة يشهد فزعاً عظيماً في السماوات والأرض. في ذلك اليوم، يظن الإنسان أن الجبال العظيمة ستظل ثابتة، ولكنها في واقع الأمر ستنهار وستتفتت بقدرة الله سبحانه وتعالى، لتظهر وكأنها تسير كالسحاب نتيجة لشدّة الأهوال.
تقدم هذه الآيات صورة مؤلمة للأحداث العصيبة، حيث يكون الجميع في حالة من الخوف والذعر، ويؤثر هذا على الجبال التي تسرع في حركتها مثل السحاب.
ويختم الله آياته بقدرته على كل شيء، مؤكداً حكمة خلقه ومعرفته بجميع أحوال عباده.
تفسير ابن كثير
أضاف ابن كثير في تفسيره للآية “وترى الجبال تحسبها جامدة” أنها تمر مرور السحاب، حيث تظهر وكأنها ثابتة في أماكنها، لكن في الواقع تسير وتزول.
التفسير الميسر
- ترى الجبال كأنها ثابتة، لكنها في حقيقة الأمر تسير مع حركة السحاب، وهذا من صنع الله الذي أتقن خلقه وأحسن تشكيله. إن الله عالم بخفايا أعمال عباده من خير وشر، وسيجازيهم على أفعالهم.
المختصر في التفسير
- سترى الجبال كأنها ثابتة، لكنها في الواقع تتحرك بسرعة كالسحاب. هذا نتيجة لصنع الله الذي أحسن كل شيء، وهو خبير بأفعالكم.
تفسير الجلالين
- ترى الجبال وقت النفخة وكأنها قائمة، ولكنها تمر كالسحاب، وهذا من صنع الله الذي أحسن كل شيء، إنه خبير بما تفعلون.
تفسير السعدي
- ترى الجبال وكأنها ثابتة، لكنها تسير بسرعة كالسحاب نظراً للأهوال التي تسود ذلك اليوم. الله هو الذي أحسن صنع كل شيء، وخبير بما يفعله البشر.
تفسير البغوي
- الجبال تبدو كأنها قائمة، لكنها تمر مثل السحاب حتى تقع على الأرض. ذلك من صنع الله الذي أتقن كل شيء، وهو خبير بأفعالكم.
التفسير الوسيط
- في يوم القيامة، سترى الجبال وكأنها ثابتة، لكنها في الحقيقة تتحرك كما يتحرك السحاب. هذا هو صنع الله الذي أتقن كل شيء، وهو خبير بما تفعلونه.
تفسير القرطبي
- ترى الجبال وكأنها قائمة، لكنها تتحرك بسرعة. في ذلك اليوم، ستتجمع الجبال وتتحرك، وستظهر كما لو كانت ثابتة، وهذه أحداث من قدرة الله.
يوم القيامة في الآية
تأتي الآية “وترى الجبال تحسبها جامدة” بعد آية النفخ في الصور.
الآية تقول: “وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ”، والتي تشير إلى النفخة الأولى التي تثير الفزع بين المخلوقات باستثناء من شاء الله.
عندما تنظر إلى الجبال في وقت النفخة، سترى أنها تبقى مكانها، لكن في الحقيقة تمر كالسحاب، مشابهة لشكل المطر تتماس مع الرياح.
التشابه بين الجبال والسحاب
في تفسير “وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب”، يُشبه مرور الجبال بمرور السحاب، حيث تتحرك بشكل وسط.
يشير بعض المفسرين إلى أن حركة الجبال تُشبه حركة السحاب من حيث تخلخل الأجزاء وظهورها بشكل متداخل.
معاني مفردات آية “وترى الجبال تحسبها جامدة”
من المهم تسليط الضوء على معاني الكلمات في الآية لتفسيرها بشكل أدق:
- ترى: تعني رؤية الشيء بالعين، والفاعل هو الراوي.
- الجبال: جمع كلمة جبل، وتعني كل ما يعلو سطح الأرض.
- تحسبها: تعني الظن أو الاعتقاد، حيث يُستخدم الفعل للإشارة إلى ما يفكر فيه القلب.
- جامدة: تدل على الثبات والجمود، وهي مرتبطة بمعنى عدم الحركة.
- تمر: تأتي من فعل المرور وتعني الانتقال من مكان لآخر.
- السحاب: تشير إلى الغيم الذي يحمل الماء.
الإعجاز العلمي في آية “وترى الجبال تحسبها جامدة”
لقد أرسل الله الأنبياء كرامةً ومنذراً، وقدم لكل نبي معجزة تثبت صدقه، لكن المعجزة الكبرى تبقى في القرآن.
تتكامل الاكتشافات العلمية الحديثة مع آيات الله، فعند النظر إلى الجبال، نراها ثابتة ولكنها في الحقيقة تتحرك كما يتحرك السحاب.
وهو ما يُعرف الآن بمبدأ نسبيّة الحركة، حيث يبدو الشيء ثابتًا في نظر الرجل، لكنه متحرك.
تحدث القرآن عن هذه الحقيقة منذ قرون، قبل أن يصل العلم إلى فهمها.
ما ترشدنا إليه آية “وترى الجبال تحسبها جامدة”
من الآيات العظيمة التي يجب أن يتأمل فيها المسلم ويستخلص الدروس والعبر، نجد:
- يذكر الله عباده بنقصهم وبضرورة العودة إلى طاعته.
- كل الخلق سيتعرض للفزع يوم القيامة، وهو ما سُمّي بـ “اليوم الأكبر”.
- الله يدعو المؤمنين للتأمل في معجزاته في الكون.
- تعدد معجزات الله في الحياة، والتي تتجاوز الحصر.
- خلق الله كل شيء، وهو الأعلم بكل شيء وهو المُتقن.
- الله يُعرف كل أفعال عباده، مما يتطلب منهم الالتزام بالطاعة والتقوى.