مقدمة حول النبي عيسى عليه السلام
يعتبر عيسى عليه السلام رسول الله تعالى، الذي أرسله ليدعو الناس إلى عبادة الله وحده دون إشراكه أي شيء. هو أحد أولي العزم من الرسل، وهو آخر الأنبياء الذين أُرسلوا إلى بني إسرائيل. وقد أيده الله بكتاب الإنجيل، بالإضافة إلى العديد من المعجزات التي منحها الله له، منها ولادته المعجزة من دون أب. وقد نزلت في القرآن الكريم آيات تُبرز براءة السيدة مريم وتبين كيفية خلق النبي عيسى عليه السلام.
قصة ولادة النبي عيسى
تُعتبر السيدة مريم نموذجًا للعفة والطهارة، وقد كانت تُؤدي واجباتها الدينية على أكمل وجه. وقد بشرتها الملائكة بأن الله تعالى اختارها من بين النساء. في أحد الأيام، خرجت السيدة مريم من مكان عبادتها، فأرسل الله تعالى الملك جبريل عليه السلام ليوصل إليها رسالة خاصة، متجسدًا في صورة إنسان.
عند رؤيته، شعرت بالخوف ولم تتعرف عليه، فقال لها إن الله قد أرسله لينفخ من روحه فيها ليهب لها غلامًا طيبا. فاستنكرت قائلة: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا). فأجابها الملك بأن ما أراده الله سهل عليه، وإذا أراد شيئًا، فإنما يقول له كن فيكون، وهذا يعد دليلاً على قدرة الله عز وجل.
ثم نفخ جبريل فيها، فحملت بالسيد عيسى عليه السلام، وابتعدت عن الناس خوفًا من اتهامهم لها. وتعرضت لآلام الولادة تحت جذع نخلة يابسة، ورزقها الله بالخيرات لتناول الطعام والشراب، لكن الله تعالى طلب منها ألا تتحدث مع أي إنسان.
عادت السيدة مريم إلى قومها وهي تحمل ابنها عيسى عليه السلام، وعندما رأوها اتهموها بارتكاب الفاحشة، لكنها لم ترد عليهم، بل أشارت إلى النبي عيسى عليه السلام الذي تكلم في المهد قائلًا إنه عبد الله معترفًا بعبوديته لله العزيز القهار. كانت هذه المعجزة إحدى أبرز معجزات الله لنبيه عيسى عليه السلام في صغره.
دعوة النبي عيسى عليه السلام
أرسل الله سبحانه وتعالى النبي عيسى عليه السلام ليقوم بدعوة بني إسرائيل إلى توحيد الله وترك الظلمات ليدلهم على النور والصراط المستقيم. ومع ذلك، واجهت غالبية بني إسرائيل هذه الدعوة بالرفض ولم يتقبلوا دين الحق، بينما ارتضت مجموعة صغيرة بخطابه وأجابت ندائه.
أطلق الله تعالى على هذه الفئة التي ناصرت النبي عيسى عليه السلام اسم “الحواريين” لأنهم آمنوا به بإخلاص وحرصوا على الدفاع عن دين الحق، حيث تطهروا من أي غش أو باطل كانوا يحملونه في قلوبهم. كان إيمانهم قويًا، ووقفوا إلى جانب النبي عيسى في مواجهة التحديات. وقد منح الله نبيه عيسى المعجزات لتكون حجة على قومه.
قال الله تعالى: (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ* وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).