لقد نص الله سبحانه وتعالى على أنه لم يجعل للرجل من قلبين في جوفه. في هذا المقال، سنسلط الضوء على تفاصيل هذا الموضوع، حيث أن هذه الآية القرآنية تسبب الحيرة لدى كثيرين في فهم معناها الصحيح وإمكانية وجود قلبين في جوف الرجل، وما إذا كان ذلك يحمل أي تناقض. سنستعرض ما يتعلق بهذه الآية في السطور القادمة.
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
لا شك أن هذه الآية الكريمة تحمل مردوداً معيناً، حيث إنها لا تشير إلى أي تناقض. ومن التفسيرات المتعلقة بها ما يلي:
- قال الله تعالى: “ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم”.
- لقد أوضح الله الحق وهدى السبيل، فقال: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم، وكان الله غفوراً رحيماً.
- توجد هذه الآية في سورة الأحزاب وبتحديد في الرقم المذكور من السورة.
- مقصود هذه الآية هو الرجال بشكل عام، حيث لم تذكر أي لفظة تشير إلى النساء في هذا السياق.
- عندما ذكر الله كلمة “جوفه”، فهي تعني أن الأنثى تحمل جنيناً في جوفها، في حين أن الآية تشير إلى الرجل.
- بذلك، يتضح أن الله أشار للرجل، رغم أن المرأة أيضاً تحمل جنيناً في جوفها.
يمكنك الاطلاع على المزيد في:
تفسير ابن كثير حول ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
فسر الإمام ابن كثير الآية القرآنية بعدة تفسيرات، ومن بينها ما يلي:
- ابن كثير اعتبر أن الله تعالى منح الرجل قلباً واحداً ليميز بين الحق والباطل، وكذلك الصدق والكذب.
- وأشار إلى أن الآية نزلت كرد على بعض قبائل قريش التي زعمت أن لديهم قلبين، أحدهما أفضل من عقل النبي محمد.
- من هنا، جاء تأكيد ابن كثير على عدم وجود قلبين لأي رجل.
تفسير الطبري لما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
فسر الإمام الطبري الآية القرآنية بما يبرز إعجازها العلمي، ومن تفسيراته:
- أوضح الطبري أن الدراسات الحديثة تثبت أن القلب يبدأ تكوينه داخل الجنين، خصوصاً بعد مرور ثلاثة أسابيع من الحمل.
- كما ذكر أن تكوين القلب يبدأ من الجهة اليمنى ويكتمل في الجزء الأيسر.
- أشارت الآية إلى أن الله لم يجعل للرجل قلبين ليكون لهما القدرة على القبول أو الرفض.
- نفى الله وجود رجل له قلبان بشكل قاطع، لكن يمكن أن يتنقل الفكر بين أفكار متعددة في نفس الوقت.
- يتحدث الطبري أيضاً عن حادثة وقعت في الجاهلية حيث كان هناك رجل من قريش يسخر من جميل ابن معمر عندما رآه يحمل نعلين، مما أدى إلى نزول هذه الآية.
تابع القراءة هنا:
الإعجاز القرآني في الآية “ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه”
من المؤكد أن هذه الآية تحتوي على إعجاز قرآني عظيم يمكن تلخيصه في النقاط الآتية:
- نزلت الآية في وقت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وراودته بعض الأفكار.
- وحين انتهى من الصلاة، أطلق المنافقون زعمهم أن لديه قلبين، أحدهما مع الصلاة والآخر مع المنافقين.
- أرسل الله تعالى هذه الآية لتكذيب دعواهم.
- وفسرها ابن عباس بالقول: “إنما جعل الله لرجل من جسدين”، وهو ما يعكس الإعجاز العلمي للقرآن.
- أيضاً، فسّر الماوردي أن أحد المشركين في قريش كان يدعي أنه يمتلك قلبين، أحدهما يتمتع بحكمة أكبر من عقل النبي.
- وفي سياق آخر، ذكر المرادي أن هناك رجلاً كان يدعي أن لديه نفسين يتحكم إحداهما فيه.
سبب نزول الآية “ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه”
من المعروف أن لكل آية في القرآن سبب نزول، وقد ورد ذلك في أربعة سياقات على النحو التالي:
القول الأول
- جميل بن معمر من قبيلة جمح كان يتميز بقدراته الفائقة على الحفظ، وكان قريش يتحدثون عنه أنه يملك قلبين.
- وذات يوم أثناء معركة بدر، رآه أبو سفيان وهو يحمل نعله في يديه ويجري بالأخرى.
- عندما التقى بأبو سفيان في شاطئ البحر، قال له: “ماذا عن النعلين؟”.
- أجابه جميل، “لم أظن أن هذا يمكن أن يحدث إلا في قدمي.”، فظهرت له حالته.
- فسّر السدي هذه الآية بأن المقصد هو “ما جعل الله لرجل من فهمين”.
القول الثاني
- هذه الآيات نزلت بعدما تبنى الرسول الكريم زيد بن حارثة، وظهرت الآيات التي تحرم التبني، فنزل قول “ما جعل الله لرجل من أبوين”.
القول الثالث
لا يوجد في قلب المؤمن مع القوم وقلب كافر في ذات الوقت. لذا تم تفسير الآية على أنه “ما جعل الله لرجل من دينين”.