الفلك كما ورد في القرآن الكريم

الإشارة إلى الفلك في القرآن الكريم

تكرر ذكر الفُلك، والتي تعني السفن، في العديد من الآيات القرآنية، ومن أبرزها قول الله -عز وجل-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

في هذه الآية، يشير الفلك إلى السفن التي تُستخدم في تسهيل التجارة والنقل عبر البحار، حيث أراد الله -تعالى- من خلال هذه الآية توجيه الناس للتفكر في صنعته وتوحيده، والتأمل في آياته وآثاره.

أشار العلماء كذلك إلى بعض الأحكام المتعلقة بركوب البحر، حيث استندوا إلى قوله -سبحانه وتعالى-: (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ) للإفصاح عن جواز ركوب البحر لأغراض مثل التجارة أو الجهاد، نظراً لأنه لم يُخصص أي نوع من المنافع دون سواه.

كما تكرر ذكر الفلك في قوله -سبحانه-: (رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)، حيث المقصود بقوله (لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ) هو التداول التجاري وغيرها من الأنشطة. وهذا يشير إلى أن حاجات الناس لا تُقضى إلا بوسيلة البحر، حيث يحتاجون إلى تبادل المنفعة والمصالح.

وصف الفلك في القرآن الكريم

صور القرآن الكريم كيفية سير السفن فوق سطح الماء، وكيف أوجد الله -تعالى- لها خاصية الطفو، كأن البحر يحملها. وكل ذلك يُظهر تسخير الله -تعالى- لهذه العناصر في خدمة الإنسان وتيسير أموره. ومن الآيات التي تشير إلى هذا المعنى، قوله -جل جلاله- في سورة الذاريات: (فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا).

وقد أوضح المفسرون أن الجاريات هي السفن التي تتحرك في البحر بسهولة، وقد استخدم لفظ الجري في كثير من المواقع في القرآن، كما في قوله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ)، وأيضاً في قوله -تعالى-: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ)، والمجزوم هنا يتحدث عن سفينة نوح -عليه السلام-.

أول من صنع الفلك

أما بالنسبة لأول من قام بصنع السفن، فإنه نبي الله نوح -عليه السلام-، حيث ذكر الله -جل وعلا-: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ). لقد سخر قومه منه لأنه بعد أن كان نبياً يدعوهم إلى الله، أصبح نجاراً يصنع سفناً غير مألوفة لديهم.

كانت هذه المهمة بأمر الله -تعالى- ووحي منه، حيث علمه كيفية بناء الفلك والشروط التي تضمن لها الطفو، فقال الله سبحانه: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ). واعتبر الخشب المادة الأفضل لبناء السفن نظراً لأنه أخف من الماء.

يجب تشكيل الخشب إلى ألواح لزيادة المسافة السطحية، مما يساعد في تعزيز القوة الضاغطة عليها، وهي ما يعرف علمياً بـ (دافعة أرخميدس). ومن الضروري تثبيت هذه الألواح بواسطة المسامير وتغطيتها بمادة عازلة لمنع تسرب الماء، مما يساعدها على الطفو والنجاة من الغرق. قال -سبحانه-: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ)، حيث أن (الدسر) تشير إلى المسامير التي تثبت بها الألواح الخشبية.

Scroll to Top