الفرق بين الطلاق اليميني والطلاق المعلق
تُعتبر الحياة الزوجية قائمة على الاستمرارية والتعاون بالمعروف، ولكن في حالة استحالة الحياة المشتركة، قد يصبح الطلاق هو الحل المناسب بعد بذل الجهود اللازمة للإصلاح التي شرعها الله سبحانه وتعالى. حيث ورد في القرآن الكريم قوله: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ). وقد عرَّف الفقهاء الطلاق بأنه: فك عقد النكاح بعبارة الطلاق أو ما يشابهها.
الطلاق المنجز
الطلاق المنجز يدل على نية الزوج في طلاق زوجته في الحال، ويظهر ذلك عندما يقول الرجل لامرأته: (أنت طالق) أو (طلقتك). إن حكم هذا الطلاق ينص على وقوعه بشكل فوري، ويتوجب أن تترتب عليه آثار الطلاق بمجرد حدوثه. فإذا كان هذا الطلاق هو الأول أو الثاني، فإنه يُعتبر رجعياً، ولكن إذا كان هو الطلقة الثالثة، فإنه يُعتبر بائناً.
الطلاق المعلق
أما الطلاق المعلق، فهو يعتمد على شرط معين، حيث يربط الزوج وقوع الطلاق بتحقيق صفة معينة، كما في قوله: (أنت طالق إذا دخل شهر رمضان)، أو يمكن أن يكون مشروطاً كقوله لزوجته: (إن دخل أخوك داري فأنت طالق).
وفي رأي الفقهاء الأربعة، فإن الطلاق المعلق يقع بمجرد تحقق الشرط، بينما قال ابن تيمية: إذا كان الهدف هو اليمين وحدث المعلق عليه، فلا يُعتبر طلاقاً بل يستوجب كفارة اليمين. أما إذا لم يكن قصده يميناً، فيقع الطلاق عند تحقق الشرط.
الطلاق الرجعي والبائن
وفيما يلي التفريق بين الطلاق الرجعي والبائن:
- الطلاق الرجعي؛ هو ما يتم عند النطق بالطلاق للمرة الأولى أو الثانية، حيث يحق للزوج إرجاع زوجته خلال فترة العدة.
- البائن بينونة صغرى؛ إذا انقضت عدة المطلقة من الطلاق الرجعي، تُعتبر بائنة بينونة صغرى، ولا تُقبل العودة إلا بعقد جديد وبموافقتها.
- البائن بينونة كبرى؛ في حال طلق الزوج زوجته الطلقة الثالثة، تصبح بائنة بينونة كبرى ولا تُقبل العودة إليه حتى تنكح زوجاً آخر.
الطلاق الصريح والكنائي
فيما يتعلق بالفرق بين الطلاق الصريح والكنائي:
- الطلاق الصريح: هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا الطلاق، مثل قوله: (أنت طالق). ومن الأمثلة الواردة:
- الطلاق: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ﴾.
- الفراق: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾.
- السراح: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴾.
- الطلاق الكنائي: هو كل تعبير يحتمل معاني متعددة، مثل قوله: (الحقي بأهلك)، وهذا يتطلب نية، فإن لم يُقصد الطلاق فلا يُعتبر واقعًا.
التحذير من التهاون في لفظ الطلاق
نبّه الإسلام على أهمية عدم التهاون في كلمة الطلاق، حيث إن الطلاق يقع في حالات الجد والهزل، ويتحقق أيضًا في حالات الغضب والرضا. وقد ورد في الحديث الشريف: (ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وهَزْلُهنَّ جِدٌّ؛ النِّكاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجْعةُ).
وسائل معالجة الخلافات الزوجية
وضع الإسلام مجموعة من الوسائل لتصحيح المشكلات التي قد تحدث في الحياة الزوجية، ومنها:
- تقديم الموعظة الحسنة للزوجة، خاصة إذا كانت ناشزاً. وإذا لم تؤت الموعظة ثمارها، يمكن استخدام الهجر في المضاجع، وفي حال عدم الجدوى يسمح بالضرب غير المؤذي كاستخدام السواك، بهدف التأديب. وذلك كما جاء في الآية الكريمة: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾.
- تعيين حكمين للإصلاح، حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾.