التوكل على الله عز وجل يُعَدُّ من الأفعال النبيلة التي تعود بالنفع على المسلم، حيث أن الله تعالى هو الذي يملك السماوات والأرض. لذا، يُعتبر التوكل ليس مجرد لفظ يُنطق به، بل هو فعل ينطلق من يقين المسلم بأن الله قادر على تدبير أموره، سواء في جلب المنافع أو دفع الأذى. في هذه المقالة، سنتناول فوائد التوكل على الله.
تعريف التوكل على الله
- التوكل هو الاعتماد على شخص آخر لغويًا، أما في الدين الإسلامي فهو يعني اتخاذ المسلم للأسباب في جميع شؤونه، مع الاطمئنان إلى أن الله هو مسبب كل شيء. كما ينبغي الاعتماد التام على الله دون الخوف، والسعي الدؤوب لرضاه سبحانه وتعالى.
- من المهم أن يتقبل المسلم القضاء والقدر الذي يشاء الله له، مع الإيمان بأن الله هو من ينفع ويضر، كما ورد في كتابه الكريم:
- “ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا”.
- تحتوي الآيات القرآنية على تحذيرات عديدة تدعو للتوكل على الله عز وجل، حيث أن الله سبحانه أنزل آيات لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم يصحبه فيها على ضرورة التوكل عليه وحده، منها قوله تعالى: “فتوكل على الله إنك على الحق المبين”.
- وقد كَانَ الرسل والأنبياء يشجعون أقوامهم على التوكل على الله، وقد جاء في كتاب الله عز وجل: “وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون”.
فوائد التوكل على الله
عندما يتوكل العبد على ربه في كل الأحوال، فإنّه يُكتسب العديد من الفوائد القيمة، منها:
الوقاية من الفقر
- التوكل على الله يُسهم في الحماية من الفقر أو القرب من مسبباته، حيث قام أبو سعيد الخدري بزيارة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليشكو له معاناته من الفقر.
- وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يتحدث من على المنبر ويقول: “ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يُغنه الله، ومن يتصبر يُصبّر الله، وما أُعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر”.
- وهذه الرسالة تدعو المسلمين إلى الثقة بالله والتوكل عليه بما يكفي من الغنى.
تشجيع الطاعة لله
عندما يتوكل المرء على الله، فإن هذا يدفعه لتنفيذ أوامر الله وتجنب نواهيه. فمع إيمانه وثقته في ربه، يؤدّي عبادته بشكل صحيح يعتمد على التوكل.
إزالة أسباب الخوف
إن الإيمان بأن الله وحده هو المتصرف في الكون يُعطي العبد شعورًا بالأمان. بينما reliance على غير الله قد يؤدي إلى عدم الاستقرار. ومن هنا يُذكر في القرآن: “ومن يُشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق”.
استمداد القوة من التوكل
- من أبرز ثمار التوكل على الله اكتساب القوة التي تعود على العبد بالثقة والاعتماد على الله، وذلك من خلال الإيمان بأن لا أحد يستطيع أن يُسدي له نفعًا أو ضررًا بمفرده دون إذن من الله.
- وتنعكس هذه القوة على حياة المؤمن، إذ تعزز إيمانه وصبره وقدرته على مواجهة الصعوبات والمغريات.
الرضا بالقضاء والقدر
المؤمن الذي يتوكل على الله بصدق يلجأ إليه في جميع أموره، مستعينًا بصلاة الاستخارة، موكلاً له ما فيه الخير له ولعائلته. وبالتالي يشعر بالرضا الدائم، سواء في الأوقات الجيدة أو السيئة، لأنه يدرك أن ما يحدث هو بفضل اختيار الله له.
الارتباط بين التوكل والأخذ بالأسباب
يجب أن نُدرك أن هناك علاقة وثيقة بين التوكل والأخذ بالأسباب؛ حيث يسعى الفرد لأخذ الأسباب في كل أموره، متوكلًا على الله الذي هو وحده المسير والمسبب لكل شيء، وهو القادر على الخير والشر.
فوائد التوكل على الله في السنة النبوية
- هناك العديد من الأمثلة على التوكل في السنة النبوية، ومثال ذلك عندما كان أبو بكر الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار بينما كان المشركون يتعقبونهم.
- يتجلى أثر التوكل في الأحداث عندما قال أبو بكر: “نظرت إلى أقدام المشركين فوق رؤوسنا، فقلت يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا”. فرد عليه النبي: “يا أبا بكر، ما ظنك باثنين، الله ثالثهما”.
- عندما توكل الرسول صلى الله عليه وسلم على الله حق التوكل، تحققت ثمرة ذلك في انبثاق السكينة والطمأنينة في قلبيهما، كما يقول الله تعالى: “إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه”.