بهاء الدين بن شداد
هو يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة الأسدي الموصلي، عالم ومؤرخ إسلامي بارز، وواحد من أبرز القضاة في عصره. وُلد في الموصل عام 539 هـ، ونشأ في كنف أخواله (بني شداد) بعد وفاة والده، لذلك نُسب إلى شداد، جدّه لأمه.
تعليم ابن شداد ومكانته العلمية والعملية
برز ابن شداد بمكانة علمية كبيرة وشغل العديد من المناصب الهامة، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- ابتدأ حياته بحفظ القرآن الكريم في صغره.
- درس على يد الشيخ أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبي، حيث قرأ عليه بالقراءات السبع، وأتقن مجالات فن القراءات، رواية الحديث، وعلوم التفسير، وحصل على إجازة منه في عام 567 هـ.
- تلقى العلم من عدة شيوخ منهم أبو البركات، ابن الشريجي، الشيخ الخطيب مجد الدين الطوسي، القاضي فخر الدين الشهرزوري، والحافظ مجد الدين الأشيري الصنهاجي، وآخرين.
- عمل كمعيد في المدرسة النظامية لمدة أربع سنوات.
- شغل منصب المدرسة التي أسسها القاضي كمال الدين الشهرزوري كمدرس.
- عُين قاضيًا للعسكر بعد إحدى فترات ملازمته لصلاح الدين الأيوبي الذي أعجب بشهاداته ومؤلفاته.
- تولى منصب قاضي حلب تحت إشراف الملك الظاهر، وكان مُصنفًا كوزير ومستشار كذلك.
- أنشأ العديد من المدارس في حلب وجمع فيها علماء الفقه.
- أسس مدرسة بالقرب من باب العراق، وشيد بجوارها دارًا مختصة في الحديث النبوي على نفقته الخاصة.
- حظي بتقدير كبير من العلماء، ومنهم:
- قال عنه عمر ابن الحاجب: “كان ثقة، حجة عارفًا بأمور الدين، واشتهر اسمه وسار ذكره، وكان ذا صلاح وعبادة، وكان في زمانه كالقاضي أبو يوسف.”
- وذكر ابن كثير: “كان رجلًا فاضلًا، أديبًا، مقرئًا ذو مكانة كبيرة لدى الملوك.”
- وأشار ابن قاضي شهبة إلى أن: “طلبته لجمع الدين والدنيا، وعظم شأن الفقهاء حينذاك لعظم قدره وعلو منزلته.”
- وأفاد ابن خلكان: “لقد أخذت عنه كثيرًا، وكان القاضي أبو المحاسن يحدد مراتب البغاددة في ترتيباتهم وأوضاعهم، وكان الوزراء النازلون لديه ينزلون عن دوابهم بحسب مقاماتهم.”
مؤلفات ابن شداد
ألّف ابن شداد العديد من الكتب القيمة في مجالات شتى، ومنها:
- الموجز الباهر.
- العصا.
- أسماء الرجال في المهذب للشيرازي.
- فضائل الجهاد.
- ملجأ الحكام عند التباس.
- دروس في الحديث.
- دلائل الأحكام.
- النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية.
- وقائع حية من الحملة الصليبية الثالثة.
تلاميذ ابن شداد
ترك ابن شداد وراءه مجموعة من التلاميذ، ومن أبرزهم:
- أحمد بن إبراهيم بن خلكان، مؤرخ وقاضي القضاة.
- شمس الدين أبو العباس الشافعي، المعروف ببلاغته في الأدب والشعر، ومؤلف كتاب “وفيات الأعيان وأنباء الزمان.”
وفاة ابن شداد
تقدم ابن شداد في العمر، وواجه العديد من مشكلات صحية أدت إلى تدهور حالته حتى أصبح عاجزًا عن الحركة والصلاة إلا بصعوبة شديدة. وفي النهاية، أصيب بالخرف ولم يعد يعرف أحدًا. ووفقًا لما ذكره ابن خلكان، فقد تعرض لوعكة صحية قصيرة وتوفي يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر صفر سنة 606 هـ – رحمه الله – في حلب.