حكم قراءة سورة الفاتحة للمأموم في المذاهب الأربعة هو موضوع مهم؛ حيث تعد سورة الفاتحة أول سورة في القرآن الكريم، وقراءتها في الصلاة تمثل الركن الرابع من أركانها، مما يجعل صحة الصلاة مرتبطة بها.
حكم قراءة سورة الفاتحة للمأموم في المذاهب الأربعة
تتناول المذاهب الأربعة هذا الموضوع بتفصيل من خلال النقاط التالية:
رأي الشافعية
يُعتبر واجبًا على المأموم قراءة سورة الفاتحة أثناء تواجده خلف الإمام. ومع ذلك، إذا كان المأموم قد سبَق بقراءة جميع أو بعض السورة، فإنه يُعفى من ذلك.
تتحمل الإمام المسؤولية عندئذٍ، بشرط أن يكون الإمام مؤهلاً لذلك، أي أنه لا يظهر عليه حدث أو أنه أدركه في ركعة زائدة عن الفرض.
رأي الحنفية
يعتبر الحنفية أن قراءة المأموم لسورة الفاتحة خلف الإمام تُعد مكروهة تحريميًا سواء في الصلوات السرية أو الجهرية.
استندوا في ذلك إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة”. وقد ورد عن عدد من كبار الصحابة، منهم المرتضى والعبادلة، أنه لا مزيد لقراءة المأموم خلف الإمام، مُشيرين إلى أن ذلك يُفسد الصلاة، وهو أمر ضعيف حيث يعتبر من أقرب الأراء القول بكراهة التحريم.
رأي المالكية
- تندب قراءة سورة الفاتحة خلف الإمام في الصلوات السرية، لكنها تُكره في الصلوات الجهرية. ومع ذلك، إذا كان القصد هو مراعاة الخلاف، فإن قراءتها تكون مندوبة.
رأي الحنابلة
يرى الحنابلة أن قراءة الفاتحة مستحبة في الصلوات السرية وأثناء فترات السكوت للإمام في الصلاة الجهرية، لكنها مكروهة خلال قراءة الإمام في الصلاة الجهرية.
حكم قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد عند الجمهور
تعتبر قراءة سورة الفاتحة للإمام والمنفرد من الأركان الأساسية للصلاة، وفقا لمذهب الجمهور، بما في ذلك المالكية والشافعية والحنابلة وداود الظاهري، إضافة إلى جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين والأجيال اللاحقة.
الدليل
- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب” [صحيح البخاري – 756].
- العبارة الرئيسية في هذا الحديث هي أن “لا صلاة”، مما يدل على عدم صلاحية الصلاة بدون قراءة الفاتحة.
حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية
لا يُعتبر قراءة سورة الفاتحة واجبة على المأموم في الصلاة الجهرية؛ هذا هو قول الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو الرأي القديم عند الشافعية، كما يُعبر عنه الغالبية من السلف، بما في ذلك ابن تيمية.
الدليل
- قال الله تعالى: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” [الأعراف: 204].
- وأكد الإمام أحمد أنه كان هناك إجماع على أن هذه الآية تتعلق بالصلاة.
- وأخبرنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا” [رواه مسلم – 404].
- سأل عطاء بن يسار زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام، وأجاب بأنه لا قراءة مع الإمام في أي شيء.
- لم يُنقل عن الصحابة أنهم كانوا يقرؤون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في فترات السكوت، ولو كان الأمر مشروعًا لكان أولى الناس به هم الصحابة.
حكم قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة
- يجب على المأموم الاستماع لقراءة الإمام فيما يتجاوز سورة الفاتحة، وقد نقل ابن تيمية الإجماع على ذلك.
حكم قراءة الفاتحة على من يعجز عن قراءتها
رأي الشافعية والحنابلة
- اتفقت الشافعية والحنابلة على أنه إذا كان الشخص غير قادر على قراءة الفاتحة، ومع ذلك يستطيع أن يأتي من القرآن بما يعادل عدد حروف وآيات الفاتحة، فإنه يجب عليه فعل ذلك.
- إذا كان يحفظ آية واحدة أو أكثر، فيجب عليه تكرار ما يحفظه، بما يتناسب مع عدد آيات الفاتحة.
على سبيل المثال
- يجب أن يظل ثابتًا في وقت تلاوة الفاتحة بقدر الزمن الذي تحتاجه قراءة الفاتحة. إذا لم يفعل ذلك، فإن صلاته ستكون باطلة وفقًا لهذين المذهبين، لأنه يعتبرون قراءة الفاتحة بغير اللغة العربية غير جائزة، مما يؤدي إلى باطل الصلاة.
رأي الحنفية
- ينص الحنفية أنه إذا كان الشخص عاجزًا عن القراءة باللغة العربية، فلا مانع من قراءته بلغة أخرى، وتكون صلاته صحيحة.
رأي المالكية
- يجب على من لا يحسن قراءة الفاتحة أن يتعلمها إن كان باستطاعته، وإذا لم يكن بإمكانه، فعليه الاقتداء بمن يحسنها. وإذا لم يجد من يحسنها، فيستحب له أن يفصل بين تكبيره وركوعه.
- يستحب أن يكون الفصل بذكر الله، ويجب ذلك على غير الأخرس، أما الأخرس فلا يجب عليه.
حكم استماع العبد نفسه بقراءة الفاتحة في الصلاة
- توافقت آراء ثلاثة من الأئمة على أنه إذا لم يسمع العبد نفسه أثناء القراءة، فإنه لا يُعتبر قارئًا، بينما يختلف المالكية في هذا الجانب.
- حيث يقول المالكية: “لا يجب عليه أن يسمع نفسه، بل يكفي أن يحرك لسانه، والأفضل أن يسمع نفسه مراعاة للخلاف”.
أركان الصلاة
تتكون أركان الصلاة من أربعة عشر ركنًا، وهي:
- القيام في صلاة الفروض للمستطيع.
- تكبيرة الإحرام بقول: “الله أكبر” عند بدء الصلاة.
- قراءة سورة الفاتحة.
- الركوع، وأقل الركوع هو الانحناء بحيث يستطيع مس ركبتيه بكفيه.
- أما بالنسبة لأكمل الركوع، فيجب أن يكون الظهر مستويًا ورأسه معتدلًا.
- الرفع من الركوع.
- الاعتدال قائمًا.
- السجود، وأكمل السجود هو وضع الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف الأصابع في محل السجود، وأقل السجود هو وضع جزء من كل عضو.
- الرفع من السجود.
- الجلوس بين السجدتين.
- الطمأنينة، وتُعتبر السكون في كل ركن فعلي.
- التشهد الأخير.
- الجلوس للتشهد الأخير وللتسليمتين.
- التسليمتان بقول: “السلام عليكم ورحمة الله”، ويكفي في صلاة النوافل تسليمة واحدة، ومثلها في صلاة الجنائز.
- ترتيب الأركان، فإذا سجد قبل الركوع عمدًا، فإن صلاته باطلة؛ أما إذا كان ذلك سهواً فيلزمه الرجوع ليقوم بالركوع ثم السجود.
واجبات الصلاة
تتكون واجبات الصلاة من ثمانية واجبات، وهي:
- التكبير (قول: “الله أكبر”) لغير الإحرام.
- قول: “سمع الله لمن حمده” للإمام وللمنفرد.
- أيضًا قول: “ربنا ولك الحمد”.
- قول: “سبحان ربي العظيم” مرة واحدة في الركوع.
- قول: “سبحان ربي الأعلى” مرة واحدة في السجود.
- قول: “رب اغفر لي” بين السجدتين.
- التشهد الأول.
- الجلوس للتشهد الأول.