تفسير: متى يحدث فتح يأجوج ومأجوج؟

يقول الله تعالى في سورة الكهف: “قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا”، وتبين هذه الآية أن يأجوج ومأجوج هم مفسدون في الأرض.

وهم من نسل أبونا آدم عليه السلام، وسنتناول في السطور التالية الحديث عنهم وتفسير قوله تعالى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، الوارد في سورة الأنبياء.

نبذة عن سورة الأنبياء

  • تعتبر سورة الأنبياء سورة مكية، وقد ختم بها حزب المئين، حيث يبلغ عدد آياتها 112 آية، وعدد كلماتها 1174 كلمة.
  • عدد أحرفها هو 4925 حرف، وهي السورة رقم 21 في ترتيب القرآن الكريم.
    • توجد في الجزء 17 ضمن الأجزاء الثلاثين من المصحف، وفي الحزب 33.
  • نزلت السورة بعد سورة إبراهيم، وسُميت بهذا الاسم لأنها تحتوي على قصص وأسماء العديد من الأنبياء والرسل.
    • يقول الله تعالى في بدايتها: “اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون”.
    • يتضح من بداية السورة استخدام الفعل الماضي “اقترب”، مما يجعلها من أواخر السور المكية التي نزلت قبل هجر المسلمين إلى المدينة.

سبب التسمية

  • ذُكرت أسماء 16 نبي ورسول بالإضافة إلى السيدة مريم العذراء في السورة الكريمة.
  • ولم يتكرر ذكر هذا العدد إلا في سورة الأنعام التي ورد فيها أسماء 18 نبي.
  • لكن سورة الأنبياء تحمل هذا الاسم رغم ذكر عدد أقل من الأنبياء لأنها نزلت قبل الأنعام.
  • سورة الأنعام عُرفت بهذا الاسم بسبب إبطال أحكام الأنعام.

فضل قراءة سورة الأنبياء

  • أكدت الأحاديث النبوية على فضل قراءة سورة الأنبياء في تحقيق الراحة النفسية والشعور بالسكينة.
    • كما تساهم في التخفيف من الاكتئاب، إذ تساعد على إنارة العقل وتطهير الذنوب من خلال التقرب إلى الخالق.
  • الآية “لا إله إلا أنت سبحانك” المذكورة في السورة، كانت دعاء سيدنا يونس عليه السلام.
    • هذا الدعاء لم يكن خاصاً بسيدنا يونس فقط، بل يقول الله تعالى: “ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين”.
    • وقد أكد سيدنا محمد أن هذا الدعاء قليلاً ما يُرد.
    • وأيضا يُعتبر اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.
  • يُروى أن عامر بن ربيعة استضاف رجلاً عربياً، وحاول العربي تقديم هدية لعامر.
    • لكن عامر رفض الهدية قائلاً إنه لا يحتاج إليها، بسبب نزول الآية التي أذهلت الناس.
    • لقد صرفتهم عن متاع الدنيا الفانية، والتي هي “اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون”.
  • تساعد سورة الأنبياء في علاج العين والحسد وتعد من الرقى الشرعية.
    • تتضمن بعض الآيات التي تعالج الأمراض، وتجلب الرزق وتخلص من الهموم.
  • يقال إن من يقرأ سورة الأنبياء سيكون له الهيبة بين الناس مدى حياته، وسيكون حسابه يسيرًا بين يدي الله.
    • وستسلم عليه كل نبي ورسول ذُكر اسمه فيها، ليرافقهم في الجنة.
  • أطلقت العرب على الشيء الثمين والمهم كلمة “عتيق”، واستخدم المسلمون نفس الكلمة في حديثهم عن سورة الأنبياء.
    • كما وردت بأنها “تلادي” أي الشيء المستمر، دلالة على أن رسول الله كان يُداوم على قراءتها.

فضل سورة الأنبياء للحمل

  • يُنصح الزوجان بالوضوء والصلاة قبل الفجر (قيام الليل) بقراءة سورة الأنبياء، ومن لا يحفظها يمكنه القراءة من المصحف.
    • ثم دعاء الله والاستغفار بقول: “استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”.
    • بعد صلاة الفجر يُعيد الدعاء مرة أخرى، وأملاً أن تكون صلاة ودعاؤهم مقبولاً بإذن الله.
  • توجد آيات محددة من سورة الأنبياء يُنصح بقراءتها لتوفير الزواج، وهي الآية 83، والآية 87.
    • والمداومة على القراءة صبحاً ومساءً ستؤدي إلى زواج مناسب سواء من ذكر أو أنثى.

أدعية الأنبياء في سورة الأنبياء

  • يقول الله تعالى: “وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين، فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه”.
    • تشير هذه الآية إلى سرعة الاستجابة بعد الدعاء مباشرة.
  • ويقول الله: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين”.
    • وهنا تُظهر سرعة استجابة الله لكل المؤمنين.
  • يقول الله تعالى: “وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا.
    • وذكرى للعابدين”، حيث تدل الآية على سرعة إجابة الدعاء.
  • الله يقول في سورة الأنبياء: “ونوحًا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم”.
    • ونجد هنا أيضاً سرعة الاستجابة كما ورد في آية “فاستجبنا له”.

الدروس المستفادة من سورة الأنبياء

سورة الأنبياء تحمل في طياتها العديد من الدروس والمقاصد التي يرغب الله تعالى في إبلاغنا بها، ومن أهمها:

  • الإنذار بالبعث وتأكيد وقوعه.
  • تحذير الكفار والمنافقين من تكذيب القرآن والرسول الخاتم.
  • جميع الرسل يمتلكون رسالة واحدة وهي التوحيد لله، لكن سيدنا محمد هو النبي الخاتم الذي يجب اتباعه.
  • جاءت رسالة الدين الإسلامي كرحمة للعالمين.
  • حذرت السورة من الغرور، إذ أن الله قادر على هلاك الأمم التي تعصي وتكفر.
  • تؤكد بأن الكون لا يمكن أن يستقيم مع وجود آلهة متعددة، مما يستدعي التوحيد.
  • لا يحدث في الكون شيء يتعارض مع مراد الله، الذي هو الخالق الذي يقول للشيء كن فيكون.

تفسير: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج

يقول الله تعالى في سورة الأنبياء، الآية رقم 96: “حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون”.

  • وقد قيل إن يأجوج ومأجوج ينحدرون من نسل سيدنا آدم، كما يُدعى أنهم من ذرية سيدنا نوح عليه السلام.
    • بشكل خاص، ينتمون إلى أولاد يافث أبناء نوح، حيث يُعتبر الترك جزءاً من أبناء يافث وليس منهم جميعًا.
    • ويُعتقد أنهم خلف السد الذي بناه ذو القرنين ليرتاح البشر من فسادهم.
  • وفقًا للسنة النبوية، سيخرج يأجوج ومأجوج من خلف السد قبل قيام الساعة.
    • فعن حذيفة بن أسيد، قال: (أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال: ماذا كنتم تختلفون؟ قلنا: نتذاكر الساعة، فقال: إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات..)
    • من بين هذه العلامات؛ الدجال، الدخان، عيسى بن مريم، يأجوج ومأجوج، الدابة، طلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوفات: خسف بالمشرق، خسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن أو اليمن تطرد الناس إلى المحشر).
  • كلمة “فتحت” تعني أن يأجوج ومأجوج سيخرجون من خلف السد الذي بناه ذو القرنين.
  • كذلك، “الحدب” هو المكان المرتفع عن سطح الأرض، و”ينسلون” تشير إلى تسارع قوم يأجوج ومأجوج في الحركة نحو الفساد، حيث سيهلكون كل ما في طريقهم وسوف يشربون كل ماء يمرون عليه.
  • يهلكهم الله بجند من جنوده، وهو داء يشبه الدود الذي يأكل في أعناقهم كالجراد مما يجعلهم أمواتًا فوق الأرض.
  • وعندما تنبعث رائحتهم، يستطيع الله أن ينزل المطر الذي يجرف جثثهم إلى البحر، وهذا ما ورد في السنة النبوية.
  • التفسير الميسر:

    • عندما يفتح سد يأجوج ومأجوج، ينطلقون من مرتفعات الأرض بسرعة وينتشرون في كل الاتجاهات، مما يقترب مع ذلك يوم القيامة وتظهر أهواله. سيشعر الكفار بالخوف الشديد، بينما يدعون على أنفسهم بالويل نتيجة غفلتهم عن ذلك اليوم.

    تفسير الجلالين:

    • يأجوج ومأجوج هما اسمان لقبيلتين من البشر. عند فتح السد، يخرجون بسرعة من كل مرتفع في الأرض، مما يدل على اقتراب يوم القيامة حيث يتسارعون في الانتشار.

    تفسير السعدي:

    • يحذر الله الناس من البقاء على الكفر والعصيان، مشيرًا إلى قرب انفتاح سد يأجوج ومأجوج.
    • يعدّ يأجوج ومأجوج قبيلتين من بني آدم، وعند فتح السد، سيخرجون من كل مرتفع بسرعة. وهذا يدل على كثرتهم وسرعتهم في التحرك، مما يمكنهم من السيطرة على الأرض دون مقاومة.

    تفسير البغوي:

    • يؤكد أن يأجوج ومأجوج سيخرجون بسرعة من كل تل ومرتفع. ويتحدث البغوي عن بعض روايات النبي محمد ﷺ حول علامات الساعة التي تتضمن خروجهم. ويستنتج أن خروجهم يعد علامة على حدوث الساعة.

    تفسير ابن كثير:

    • يوضح ابن كثير أن يأجوج ومأجوج من نسل آدم ومن ذرية نوح، محجوزون خلف السد الذي بناه ذو القرنين. وعند اقتراب القيامة، سيفتح السد وسيخرجون بأعداد كبيرة من كل مرتفع.
    • ويُشار إلى أن خروجهم هو علامة على فسادهم في الأرض، ويستند ابن كثير إلى روايات نبوية تؤكد هذا المفهوم.

    تفسير القرطبي:

    • يشير القرطبي إلى أن يأجوج ومأجوج سوف يخرجون من كل مرتفع بسرعة عند فتح السد، حيث يُفهم أن الحدب هو كل ما ارتفع عن سطح الأرض.
    • ويؤكد على أن المراد هنا هو كثرتهم وسرعة خروجهم، كما يوضح بعض الاختلافات في تفسير الآية مثل قراءة “وهم من كل جدث” التي تعني خروج الناس من القبور يوم القيامة.

    معاني مفردات آية: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون

    فُتِحت:

    انفتح السد الذي كان يحجز يأجوج ومأجوج عن الناس.

    يأجوج ومأجوج:

    قبيلتان من البشر كثيرتا العدد، تم ذكرهما في القرآن، وستخرجان في آخر الزمان.

    حدب:

    كل مكان مرتفع أو تل من الأرض.

    ينسلون:

    يسرعون في الحركة أو يخرجون بسرعة، كما يسير الذئب بسرعة.

    قصة يأجوج ومأجوج

    تتناول قصة يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم قبيلتين من البشر كانتا تعيشان في زمن ذي القرنين، وهما معروفتان بالفساد والإفساد في الأرض. وجدت القصة في سورة الكهف (الآيات 92-99) عندما سافر ذو القرنين إلى أقصى الشمال، فوجد قومًا يلتمسون مساعدته لحمايتهم من يأجوج ومأجوج الذين كانوا ينشرون الفساد والعنف. استجاب ذو القرنين لطلبهم وبنى سدًا قويًا بين الجبال لمنعهم من الإفساد.

    قال تعالى:

    قام ذو القرنين ببناء السد باستخدام الحديد والنحاس المنصهر. هذا السد حال دون خروج يأجوج ومأجوج إلى العالم، وسيصبح هذا السد قائمًا حتى يأتي أمر الله بفتحه في آخر الزمان كما ورد في سورة الأنبياء:

    في آخر الزمان، سيخرج يأجوج ومأجوج بعد فتح السد ويقومون بالفساد في الأرض، مما سيسبب فتنة عظيمة حتى يهلكهم الله بقدرته.

    خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة

    خروج يأجوج ومأجوج يُعتبر من علامات الساعة الكبرى كما ورد في الأحاديث النبوية، وهو حدث عظيم سيحدث في آخر الزمان. مع خروجهم، توجد علامات أخرى مثل خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام. وفيما يلي كيفية الاستعداد لعلامات الساعة:

    • تثبيت الإيمان بالله واليوم الآخر: أول خطوات الاستعداد تأتي من ترسيخ الإيمان بالله وباليوم الآخر. يجب أن يكون لدينا يقين بأن الله يدبر الأمور، وأن علامات الساعة جزء من حكمة الله في إتمام الدنيا وبداية الآخرة.
    • التمسك بالقرآن والسنة: اتباع القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو السبيل الأقوى للثبات أمام الفتن. فالقرآن هو المصدر الرئيسي للهداية، والسنة النبوية تعرض طرق مواجهة الفتن والصعوبات في آخر الزمان.
    • التوبة والاستغفار: الاستعداد للساعة يتطلب الإخلاص في التوبة من الذنوب، فإن الاستغفار يمحو الذنوب ويرفع مرتبة المؤمنين عند الله. قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا” (التحريم: 8).
    • الإكثار من الأعمال الصالحة: كلما اقتربت الساعة، تزايدت الفتن، وذلك يستوجب على المسلم تقوية نفسه بالأعمال الصالحة مثل الصلاة والصدقة وقراءة القرآن. هذه الأعمال ترفع الإيمان وتعد ذخيرة للشخص في مواجهة الفتن.
    • الابتعاد عن الفتن: النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من الفتن التي ستظهر في آخر الزمان، ودعا للابتعاد عنها. لذا، من الحكمة أن يسعى المؤمنون لتفادي أي شيء يُثير الفتنة أو يُضر بالمجتمع.
    • تعلم الدين وتعليم الآخرين: يعدّ من أهم سبل الاستعداد للساعة هو التعلم الصحيح للدين ومشاركته مع الآخرين. الفهم الصحيح للدين يقي من الفتن ويوفر الحكمة لمواجهة الظروف الصعبة.
    • الصبر والتحمل: الأوقات الكبرى تحتاج إلى صبر شديد، سواء كانت بسبب خروج الدجال أو نزول عيسى عليه السلام أو يأجوج ومأجوج. يجب على المؤمن التحلي بالصبر والاعتماد على الله في مواجهة ما قد يحصل.
    • الدعاء واللجوء إلى الله: الدعاء هو أحد الأسباب الكبيرة للنجاة، وعلى المسلم أن يكثر من دعاء الثبات على الحق والتمسك بفطرته. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو قائلًا: “اللهم إني أعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن”.
    • الحفاظ على الوحدة الإسلامية: قد تتزايد الفتن في آخر الزمان، لذا فإن الحفاظ على الوحدة بين المسلمين ينال أهمية كبيرة في مواجهة التحديات. يجب أن يسعى الجميع للتعاون في الخير والمحافظة على العلاقات الطيبة لتعزيز قوة المسلمين.
    Scroll to Top